فى واحد من المشاهد المتكررة يوميا فى الشارع المصرى.. يقع حادث تصادم بين سيارتين أو أكثر أو سيارة تصدم أحد المشاة العابرين.. فنتوقف لحظات وندير رؤوسنا لمجرد الفرجة على الحادث.. ونقضى وقتا قد يطول أو يقصر حسب كم الإثارة الذى يتضمنه الحادث.. أو حجم الفضول الذى فى داخلنا.. وقدر احتياجنا للفرجة على الآخرين.. ثم سرعان ما نمضى فى طريقنا وقد نسينا الأمر كله ونبقى ننتظر حادثا جديدا من أجل فرجة جديدة.. وإذا كان هذا هو سلوكنا المعتاد مع حوادث الطرق والشوارع فى بلادنا.. فإنه من المؤسف أن يبقى هذا أيضا هو حالنا مع حوادث حياتنا ومجتمعنا التى نتوقف أمامها بنفس منطق الفرجة ثم نعود ونستكمل مشوارنا أو أيامنا دون أى تفكير فيما شاهدناه أو سمعناه ودون أى دروس تعلمناها، أو كان من الممكن أو الضرورى تعلمها.. وأرجوكم الآن أن تتوقفوا معى لحظات وتتأملوا سلوككم مع كثير من الحوادث التى جرت مؤخرا أمامكم أو علمتم بها بالسمع أو القراءة أو الرؤية وهل مارستم أثناء ذلك أى شىء إلا الفرجة.. وأظن أن كثيرين منكم سيوافقوننى على ذلك.. وأن معظمنا بالفعل لم يمارس إلا الفرجة على أحمد شوبير ومرتضى منصور.. مجرد الفرجة دون توقف أمام دلالات الحكم القضائى نفسه، وما يمكن أن يبقى منها كسوابق قانونية وقضائية.. ولا استخلاص أى دروس يمكن تعلمها بشأن الإعلام التليفزيونى وحدود المسموح أو الممنوع على الشاشة.. وفى حالة ارتكاب الخطأ فمن الذى يتعرض للعقاب.. الذى أخطأ على الشاشة أم الشاشة نفسها.. وفى حادثة اتهام تم توجيهه لبعض الرجال والشباب والفتيات بتأسيس تنظيم لنشر الإلحاد والدعوة له.. وقف كثيرون منا أيضا للفرجة على المتهمين ومن اتهمهم.. لم يهتم هؤلاء الكثيرون بالبحث عن دليل حقيقى يؤكد هذا الاتهام.. أو طبيعة هذا الاتهام ودوافعه وتوقيته وهل هناك أسباب ودوافع أخرى وراءه بعيدا عن ادعاء الغيرة على الله سبحانه وتعالى أم لا.. ثم إننى كإنسان مسلم شديد الاعتزاز بدينه والامتنان لله الخالق عز وجل.. أعرف وأثق تماما أن مصر طول عمرها مجتمع ليس فيه الدين مجرد ديكور أو شكل اجتماعى.. وأن طبيعة هذا المجتمع بمسلميه وأقباطه.. قد تسمح فقط ببعض الضالين الذين لا يؤمنون بالله.. ولكنها أبدا لا تسمح بأى تنظيم من أى نوع لنشر الإلحاد والدعوة إليه.. ولكن لا أحد يريد التفكير.. لا أحد يريد إلا الفرجة والاستمتاع بما يجرى أمامه.. ونسينا وسط هذه الفرجة أن توجيه اتهام الإلحاد لأى رجل أو امرأة سرعان ما سيصبح قريبا جدا وسيلة جديدة ومبتكرة ومؤثرة وفاعلة لتصفية أى حسابات شخصية أو تحقيق أى مصالح خاصة.. وستصبح تماما مثل اتهام امراة بسوء السلوك والسمعة.. نفس الفرجة.. نفس اللامبالاة.. تعاملنا بها مع حوادث أخرى.. مارسنا الفرجة على إغلاق قناة الساعة.. وهل كان نتيجة صراع داخلى فى عائلة القذافى أم أن الإدارة الليبية اكتشفت أنها قناة لا تجيد التعبير عن رؤية ليبيا ومواقفها.. ونفس الأمر مع موقع إسلام أون لاين.. وهل كان إغلاق هذا الموقع الرصين والجاد والمحترم مجرد فصل جديد فى الصراع الإعلامى المصرى القطرى.. باعتباره موقعا يمارس عمله من القاهرة بتمويل قطرى.. أم أنه كان قرارا يخص قطع أحد الألسنة الإسلامية الشهيرة والقوية.. المسموعة والمؤثرة.. قبل أن تبدأ جريمة أو فضيحة اغتيال المسجد الأقصى.. أما الحادثة الأكثر غرابة هذا الأسبوع فكانت الخناقة الكوميدية بين محافظتى الشرقية والغربية على مائتى ألف فدان أرادت الغربية فجأة اقتطاعها من الشرقية.. وبلغ الأمر بمسئولين فى الشرقية لدعوة أبناء المحافظة للوقوف عند الحدود وحمايتها والدفاع عنها.. وبشأن هذه الحادثة تحديدا.. لا أملك إلا الإشفاق على مصر والخوف على أهلها ومستقبلها من مسئوليها.. وحسبى الله ونعم الوكيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة