أيهم نصدق أنه الإسلام؟
فقد قال الدكتور يوسف القرضاوى «إن بناء الجدار الفولاذى الذى تقيمه مصر هذه الأيام على الحدود بينها وبين غزة، عمل محرم شرعا». وقال الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر لموقع «اليوم السابع» إن هذه الفتوى خاطئة، مؤكدا أن بناء الجدار «واجب» لمنع الفتن، وهو يندرج تحت مسمى المصلحة العامة.
وقال الدكتور محمد الشحات أمين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن بناء الجدار لا يندرج تحت مسمى المحرمات، لأنه ليس هناك مانع شرعى أو دليل على تحريمه ما دام الفلسطينيون يدخلون ويخرجون من المعابر.
إذن أيهم نصدق؟
الحقيقة أنها مسألة صعبة، وخاصة أنهم جميعا وعلى رأسهم الشيخ القرضاوى، لا يقولون مثلا نعتقد أو نظن أن الإسلام أو الشرع يقول كذا.. ولكنهم يقولون، هم وغيرهم من رجال الدين، هذا حرام شرعا وهذا حلال شرعا.. فينتقل كل واحد منهم من خانة أنه -مع كامل الاحترام لهم جميعا- بشر يجتهد، ويخطئ ويصيب، إلى خانة أنه هو ذاته الإسلام، والمتحدث الوحيد باسمه.
الأمر يكون أصعب عندما يتعلق بشأن حياتى مُختلف عليه، وأكثر تعقيدا عندما يكون متعلقا بالسياسة، وهى بطبيعتها من أكثر أمور الدنيا اختلافا.. ومن ثم فمن الأفضل لهؤلاء المشايخ أن يقولوا أن هذه هى آراؤهم فى الجدار الفولاذى، فهذا حقهم مثل كل البشر، لكن دون أن يربطوه بالدين.. وبالتالى نستطيع مناقشتهم، بالاتفاق والاختلاف دون أن يرهبوننا باسم الدين، ودون أن يستغلوا كلام الله عز وجل من أجل تسييد وجهات نظرهم الشخصية، أى لمصلحتهم المباشرة.. فهذا لا يليق بهم ولا بنا.
ثم إن الحيثيات التى قدمها العلماء الثلاثة الأجلاء فى جوهرها حيثيات سياسية، القرضاوى قال إن المقصود بالجدار سد كل المنافذ على غزة، لزيادة حصارهم وتجويعهم وإذلالهم والضغط عليهم حتى يركعوا ويستسلموا لما تريده إسرائيل. أى أن هدف الجدار سياسى، وتحديدا هو إجبار حماس، وليس كل أهل غزة أعضاء فى حماس، على تقديم تنازلات سياسية لإسرائيل.
فى حين قال الدكتور الشحات، إن الغرض من الجدار هو التأكد من دخول وخروج الأشخاص، مدللا بتسلل بعض الأفارقة إلى غزة ثم إسرائيل. كما أننا بهذا الجدار نحمى أنفسنا من تسلل المجرمين، بل من الإسرائيليين أنفسهم.
وإذا كان الإسلام ليس فيه كهنوت، ولا يعترف بقدسية لأى مؤسسة دينية ولا بقدسية أى رجل دين، فمن حق الدكتور القرضاوى أن يرفض كما يشاء الجدار الفولاذى ويدافع عن حماس.. ولكن من حقى أن أوجه له ثلاثة أسئلة فقط:
1 - لماذا لم يصدر أى بيان يرفض فيه وجود أكبر قاعدة أمريكية فى دولة قطر التى يعيش فيها؟
2 - لماذا لم يصدر أى بيان يرفض فيه التطبيع الإسرائيلى القطرى المعلن؟
3 - لماذا يرفض هذه الأمور فى مصر ويوافق عليها ضمنيا فى قطر؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة