لأول مرة أجد نفسى أمام فاجعة تؤثر علىّ مباشرة دون أن أستطيع توجيه أصابع الاتهام لشخص معين أو جهة بعينها، دون أن أتوصل إلى ما قد أكون قد فعلته يوماً وأدى بى إلى هذا الوضع، دون أن يكون لدى أدنى فكرة عما يجب علىّ فعله أو قوله لمواجهتها. فوضى فى الأفكار لا تؤدى إلا إلى غضب وخوف. هذا باختصار ما شعرت به منذ أحداث نجع حمادى وحتى الآن. غضبت من قبل مع كل حادث وحديث يدور فى دائرة الفتنة الطائفية، ولكننى لم أشعر بهذا الخجل من الأصدقاء والزملاء المسيحيين وأنا أقدم لهم التعازى مع تحية العيد. قد يشاركنى البعض فى هذا الشعور كما قد يشاركنى فى هذا الكم من التخوف على ما يمكن أن يحدث لنا جميعاً فى مصر. ربما تضاعف هذا التخوف بعد «نجع حمادى» لأن كل ما يساق ويُقدم من أخبار وآراء وتحليلات وأسباب وتبريرات ليس به جديد. الجديد الوحيد فى هذا المشهد هو أنه لأول مرة فى مصر يتم فتح النار بشكل عشوائى ومتعمد على مواطنين مسيحيين ليلة احتفالهم بعيدهم وقت خروجهم من كنائسهم. لن أخوض فى تحليل أو قبول أو رفض ما تلى هذه الأحداث الدامية لأنه فى اعتقادى لن يأتى بأى جديد سواء لى أو للقارىء الكريم أو لأهالى نجع حمادى الخائفين. توجيه اتهامات التقصير للأمن أو التراجع عنها أو دفاع الأجهزة الأمنية عن نفسها فى القيام بدورها فى الحفاظ علينا، أو تبرير ما حدث بالانتقام، أو القبض على المتهمين أصحاب السوابق، أو لوم الإعلام والخطاب الدينى، أو الصراخ فى وجه المدرسين لما يعبثون به فى عقول الشباب من بلاء الأفكار المتطرفة، أو الحسرة على مظاهر التآخى بين الجيران المسلمين والمسيحيين التى بدأت تضعف أمام التعصب الدينى، أو المطالبة المتكررة بقانون بناء دور العبادة، أو الإشارة إلى أطراف خارجية خبيثة تسعى إلى زعزعة الأمن فى مصر. كل ذلك مازلنا أقباطا ومسلمين نكشف عنه وندعو إلى تنقية المناخ العام السياسى والاجتماعى والنظر بجدية فى مشكلات الأقباط، إلا أن كارثة نجع حمادى قد سبقت وقفزت على هذه الدعوة، وتستدعى تنفيذ حلول سريعة تضاهى سرعة اشتعال لهب الفتنة، بالتوازى مع قرارات حاسمة للبدء فى تنفيذ الحلول طويلة الأمد. أما إذا ثبت يقيناً أن أى جهة داخلية تلعب لعبة الفتنة وإشعالها لتنفيذ أجندات مُعينة فكلنا يعلم أن اللعب بهذه الشعلة سيحرقها ويحرقنا جميعاً ولا جدوى حينها من حلول سريعة ولا بطيئة. لايبقى إلا دعاء خالص لله ولمصر.. أرجوك لا تحترقى.. أرجوك لا تتركينا نحرقك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة