سعيد شعيب

ترخيص بالقتل

الجمعة، 18 سبتمبر 2009 12:34 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعرف كيف وقع الشيخ خالد الجندى فى هذه الخطايا فى حوار واحد، فقد أعطى ترخيصا شرعيا بقتل مجموعة من المصريين، لأنهم اختاروا عقيدة مختلفة، ولم يتوقف عند هذا الحد ولكنه اتهمهم بقلب بارد بالخيانة وعدم الولاء ووجود علاقات تربطهم بإسرائيل، فنصب من نفسه متحدثا وحيدا باسم الإسلام، ونصب نفسه قاضيا يمنح هذا صك الوطنية ويمنح ذاك صك الخيانة.

الخطيئة الثانية هى تطاوله على جمال البنا، فوصفه بأنه سيئ الأدب، واعتبر ما يقوله الرجل «أفكار مراحيض»، لمجرد أن البنا له اجتهادات لا تعجبه، ناهيك عن أنه يمنح نفسه الحق لأن يحدد صلاحية البنا، فمن أين له بكل هذا الصلف والعنجهية وكأنه فوق الناس جميعا؟

لست من المتابعين بتركيز مع الجندى، ولكن المرات القليلة التى شاهدته فيها على شاشة التليفزيون جعلتنى متفائلا به، فهو يقدم رؤية حضارية ومستنيرة للإسلام، وما سمعته منه يشع تسامحا ومحبة تليق بهذا الدين العظيم، وتنزع على عكس الكثيرين فتيل الكثير والكثير من القنابل.

لكن بعد أن قرأت حواره فى العدد الماضى من «اليوم السابع» تأكدت أنه مثل غيره من مشعلى نيران الفتن، الذين لا يهمهم سوى انتزاع أكبر قطعة من تورتة الإعلام الدينى، حيث الشهرة الطاغية والأموال الطاغية، ناهيك عن أنه يريد إقناعنا بأنه يمثل الإسلام الوسطى.. فأين هى الوسطية فى سب رجل وفى التحريض على قتل ومحاكمة مصريين مثله؟

دعك من كلامه المعسول حول أن قناته الجديدة سيكون موجودا فيها كل الديانات والطوائف والأفكار، وسيكون مرحبا فيها بالمفكرين المسيحيين وحتى الملحدين، فهى كما يقول قناة فكر.

فإذا كان لا يحتمل أن يختلف معه مسلم له اجتهادات، فهل يمكننا أن نصدقه وهو يتحدث عن المسيحيين بكل هذه المحبة، أو نصدقه وهو يتحدث متألما عن حرائق الفتنة الطائفية، من تصادم وتنافر واضطراب أمنى وحرق وقتل واختطاف واغتصاب بين مسلمين ومسيحيين. أو نصدقه وهو يؤكد أن سبب كل ذلك خطباء لا يفقهون شيئا فى الدين وينشرون أفكارا لا تعترف بالتعددية ولا ترى فى المجتمع آخر؟

بالطبع من الصعب تصديقه، ولا تصديق أن أفكار حتى الملحدين ستكون موجودة على شاشة قناته، فهو لم يحتمل وجود مجموعة من المصريين يؤمنون بالله على طريقتهم.. ومن ثم فما قاله مجرد «كلام فى الهواء» لا يقدم ولا يؤخر، ولكنه يروج لقناته الوليدة التى يرغب من ورائها مزيدا من الشهرة ومن المال ومن احتكار الإسلام لنفسه.

ولذلك كان طبيعيا أن يرفض الإعلان عن مصادر تمويلها، عندما سألته الزميلة دينا عبد العليم، فيرد قائلا إن الحديث عن مصادر الرزق وتمويل القناة ليس مكانه الصحف، وإنما هناك أجهزة رقابية فى الدولة تبحث هذه الأمور.. ومن ثم ليس مهما عموم المواطنين الذين يسمعونه ويصدقونه، فهؤلاء ليسوا أكثر من مستهلكين لبضاعة الشيخ ومهمتهم الوحيدة هى الهتاف له.

بصراحة أنا حزين على الرجل، وأتمنى أن يراجع نفسه، ويتخلى عن كل هذا العداء تجاه من يختلفون معه، ويعود إلى ما تصورته عنه: داع للتسامح والمودة والمحبة، يصبح طاقة حب، وليس طاقة تدمير لديننا العظيم ووطننا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة