فليرحم الله «محمود رحمى»..
منذ ثمانية أعوام، وتحديداً فى العام 2001، كان المبدع الرائع «رحمى»، يستعد لموسم جديد من مسلسله الشهير «بوجى وطمطم»، المسلسل الذى ظل لأعوام عديدة أحد المعالم الرمضانية التليفزيونية، لكن «رحمى» بعد أن استعد للمسلسل، كطقسٍ يمارسه منذ سنوات، فوجئ أنه لن يرى النور، لم يصدق وقتها أن «بوجى» و«طمطم» ذهبا إلى غير رجعة، وأن حكماً قد صدر بالإعدام على الشخصيتين.
«رحمى» كان على قناعة بأن ما حدث، كان مؤامرة «تجارية» لا أكثر، تهدف إلى الربح؛ لكن آثارها ستمتد بلا شك إلى أبعد من ذلك، ففى الموسم نفسه، بدأ عرض برنامج أطفال آخر، حصل على كل الدعاية والاهتمام من جانب التليفزيون، وبرغم ذلك، كان لـ«رحمى» رأى مختلف، كان صاحب رؤية تقول بأن الشخصية التى تخاطب الطفل المصرى، يجب أن تعكس الهوية المصرية بشكلٍ ما، ولأجل أن تصبح كذلك يجب أن تخرج من مفردات تلك الشخصية، فى لقائى معه، أسهب «رحمى» فى شرح تأنيه عندما اختار ألوان بشرة كل عروسة من عرائس المسلسل، وفلسفته التى اعتمدت على الألوان القريبة من المزاج الشعبى المصرى. «رحمى» أيضاً هاجم البرنامج الذى تم حجب مسلسله بسببه، وقال لى: كيف يمكن تقديم شخصية للأطفال «شعرها منكوش»، كان غاضباً جداً، ويشعر أن الاغتيال لم يكن موجهاً لشخصيات مسلسله فحسب؛ وإنما بصورةٍ ما للشخصية المصرية ممثلة فى الأطفال، الذين لا بد سيتربون على نمط سلوك غريب على مجتمعهم، بدءاً من الألوان والمظهر، مروراً بكل التفاصيل التى يمكن أن تسهم بشكل غير مباشر فى تشكيل وعى الطفل.
«حرقة» الراحل «رحمى» يومها، كانت تساوى لحظة فراق أب لابنه وهو يراه يموت أمامه بعد أن رباه ليكبر أمام عينيه شاباً يافعاً، لكننى لم أتوقع أبداً، أن يموت بعدها بوقتٍ قليل حاملاً حسرته معه. كان الرحيل مؤلماً للآخرين بالقدر نفسه الذى عاناه هو نفسه فى الشهور القليلة التى عاشها فى الفترة التى تلت إيقاف المسلسل نهائياً.
لكن ما لم يعرفه «رحمى» أن المسلسل الشهير الذى أحبه الأطفال، لم يقدر له أن يموت حينها؛ مات «رحمى» لكن مسلسله لم يمت، المسلسل الذى قدر له بعثٌ جديد فى رمضان هذا العام، حول موته الذى أريد له، إلى مجرد حالة بيات لا أكثر ؛ ليعود بروحٍ جديدة، ربما تحتاج إلى وقتٍ أطول كى تجلب للبرنامج الشعبية نفسها التى حظى بها فى الماضى، بعد أن كبر الجيل الذى كان يتابعه، وأصبح المسلسل معروضاً للمرة الأولى أمام جيلٍ لا يعرفه، خاصة أن المسلسل يعرض حصرياً على قناة واحدة فى عصر جديد اختلفت فيه تحديات جذب نسب المشاهدة الأعلى وآليات العرض وسط بحر الشاشات.
مبروك عودة «بوجى وطمطم»..
وليرحم الله «رحمى».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة