سعيد شعيب

التار البايت

الخميس، 27 أغسطس 2009 10:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وكأنهم يتكلمون عن بلد لا أعرفه، صحيح أننى مثل كل المصريين يدرك أنه ما زال هناك خصومات ثأرية فى الصعيد، ولكن لم أتصور أنها بكل هذه الضخامة وبكل هذا العنف، ناهيك عن الدوافع التى تحركها.

انقبض قلبى عندما قرأت ملف مجلة المصور عن الثأر فى مصر والصعيد بشكل خاص، فخلال الأعوام الخمسة الماضية حسبما قال اللواء عبدالرحيم القناوى مساعد وزير الداخلية هناك 242 قضية قتل فيها 823 بنى آدم من لحم ودم بسبب «التار».. وهذه الجرائم عابرة للأديان، بل ليست هناك مشكلة فى أن تتناقض معها، وتخاصم التسامح والمودة والرحمة، والأغرب أنها أيضاً عابرة للطبقات، فالكل يشارك فيها، غنى وفقير، أمى ومثقف، لا فرق، الكل يساهم فى بحور الدماء بذات القوة، فهذه الجرائم تكلف العائلات، أيا كان وضعها المالى، آلاف وملايين الجنيهات، يبيعون أى شىء، يشترون السلاح، ويمكن أن يدفعوا تعويضات ضخمة فى حالة الصلح.

أمر مخيف، فالمسألة لا يمكن تفسيرها فقط بالفقر والبطالة، صحيح أنهما يهيئان المناخ المواتى لمثل هذه الجرائم، ولكن الأمر فيما أظن أعقد من ذلك بكثير.. فما هى الأسباب التى تجعل إنساناً يقرر حرمان إنسان آخر من الحياة، بل ما الذى يجعله يعتبر نفسه دولة مستقلة، يشرع القوانين وينفذها مهما كان الثمن؟

الأمر المدهش فى هذا الملف، هو أن المرأة بشكل خاص هى التى تشعل هذه الحرائق، فتدفع بأبنائها إلى الجحيم، فعندما يتم قتل أحد أفراد أسرتها ترفض البكاء وترفض تلقى العزاء وتظل تضع له على «الطبلية» طبقاً فارغاً حتى يأخذ أولادها الثأر، أى قتل إنسان من العائلة المعادية، وفى حالات ليست قليلة تأخذ الثأر بيديها.

قد يبدو اندهاشى ساذجاً، وربما مضحكاً لبعض القراء، ولكنها الحقيقة فعلاً، فـ«قلبى مقبوض»، فكل هذه الطاقة من العنف يمكن أن تتحول إلى طاقة بناء.. ولكن هذا يستلزم دراسات موسعة من العلماء، وليكن المركز القومى للبحوث الجنائية، وأنا أدعوه لأن يخصص فريقا كاملا لعدة سنوات، وأدعو معه منظمات المجتمع المدنى والأحزاب بأن تخصص جزءاً من اهتمامها لهذه القضية، حتى نفهم لماذا يحدث ذلك وكيف يمكننا مواجهته.. فربما يكون هناك بصيص نور يخرجنا من هذا الجحيم.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة