ياااه.. أخيراً فكر التليفزيون المصرى، فى أن يكون له موقف ما من مسألة الحجاب!
الأسبوع الماضى، أذاع برنامج «البيت بيتك» فقرة مهمة قدمها الإعلامى «خيرى رمضان»، الفقرة عن الفيلم الوثائقى «بلد الحجاب»، استضافت الفقرة مخرجة الفيلم «فاطمة الزهراء»، ود.«سعاد صالح» أستاذ الفقه المقارن، ود.«أحمد عبدالله» مدرس الطب النفسى.
الفيلم الوثائقى، يتناول انتشار الحجاب فى مصر، بالصورة التى دفعت مخرجته لأن تطلق عليه «بلد الحجاب»، طبعاً البرنامج لم يذع الفيلم كله، أو ينحاز له، لكنه اختار الجزء المتعلق بحجاب الأطفال، حيث اختارت المخرجة أحد المعاهد الأزهرية، ليمثل نموذجاً لتلك الأمكنة التى تفرخ أنصاراً للحجاب لا يعرفون منه سوى شكله، الأطفال الصغار، يرفلون فى ثياب لا تليق بهم: فتيات فى الصفوف الابتدائية الأولى يرتدين الحجاب والنقاب، وصبيان صغار يدافعون عن الحجاب بقوة ويهاجمون «السافرات» ويتهمونهن بالوقيعة بين المسلمين إلى حد الاقتتال!.
أما ذروة المأساة، فكان اللقاء مع مديرة المعهد، التى لم تفلح محاولاتها المتكررة، لتلاوة الآية من سورة «النور» حول الحجاب، حتى عندما جاءتها إحدى تلميذاتها بالمصحف لتقرأ الآية.. جاءت قراءتها ركيكة لا تليق بما تقرؤه!.
الفقرة كانت مفاجأة حقيقية؛ فهى المرة الأولى التى يتعرض فيها التليفزيون المصرى، للقضية الحساسة التى التزم فيها الصمت دائماً (لا يعنى ذلك كونه حيادياً)، ولم يطرحها للنقاش، صحيح أن الفقرة كانت واضحة فى كونها لا تناقش الحجاب، وإنما حجاب الأطفال فى غير سن التمييز؛ لكنها المرة الأولى فى كل الأحوال. الفقرة كانت واضحة فى كونها تعارض هذه الظاهرة التى صارت تنتشر فى المجتمع المصرى؛ وبدا ذلك من عدم استضافة من يدافع عن الفكرة؛ بل مخرجة الفيلم المعارضة لحجاب الأطفال من الأصل، ود.«سعاد» التى اعتبرت أن الحجاب غير وراد فى هذه السن، كما لا يجب إجبار الفتيات عليه وإنما تحبيبهن فيه وإلا ستكون العواقب وخيمة، بالإضافة إلى د.«أحمد» الذى تناول الجانب النفسى للشخصيات التى تجبر على الحجاب منذ الطفولة، وما يسببه ذلك من خلق شخصيات متمردة بلا هدف وضعيفة الشخصية ومشوشة فى تكوينها النفسى.
ولولا أن البرنامج «هو البيت بيتك» لما صدقنا أن هذا هو الموقف الذى صار يتبناه التليفزيون المصرى بالطبع ليست فقرة عابرة فى برنامج توك شو مسائى وحسب.
طوال أكثر من عشرين عاماً، كان التليفزيون المصرى ساحةً متاحة للمدافعين عن الحجاب، ولا صوت يعلو فوق صوتهم؛ لكن حين أصبح الملعب خارجاً عن السيطرة، اهتم «أولو الأمر»، بأن يكون هناك ما يحاول «تحجيم» ما آل إليه الأمر فى الشارع المصرى: نقاب ينتشر بجنون، وحجاب فى سن الطفولة المبكرة.
هل انقلب التليفزيون على نفسه؟ هل هى رؤية جديدة للتعامل مع «الحجاب» خارج كونه من المحرمات على النقاش؟. المسألة لن تكون سهلة هذا إن صدقت النية؛ لكنها محاولة أخيرة لتظل مصر هى بلدنا.. لا بلد الحجاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة