كيف يمكن أن نقدم فكراً دينياً للشباب، يستخدم خطاباً مختلفاً، قادراً على الوصول إلى قلوب هؤلاء، والتأثير فى وجدانهم؟
طبعاً هو سؤال، تتولى الكثير من البرامج التليفزيونية الإجابة عليه، ولكن.. هل استطاع أحد أن يقدم إجابة تقترب من تحقيق الهدف؟
الإجابة بصراحة هى: لا.. وألف لا.
لماذا؟، هنا تتعدد الإجابات، ولا مجال لسردها، ولكن الكثير من هذه الإجابات يلتقى فى منطقة واحدة؛ وهى أنه لا أحد يبحث بعمق فى كيفية تنفيذ هذا، القناة أى قناة تسارع لحجز مساحة على شاشتها لأجل إذاعة برنامج يرفع شعارا دينيا، لما هو معروف من قدرة هذه البرامج على جذب نسبة مشاهدة عالية، وطبعاً.. معلنين كثر بطبيعة الحال. ثم أصبحت القنوات تتنافس فى عدد البرامج الذى ترفع الشعار ذاته، ولو أن كل قناة «حرة» فى برامجها، لكن لا أحد يمارس هذه الحرية عند التفكير فى المضمون الجديد الذى يمكن تقديمه.. لخدمة «الدين» والجمهور.
قناة «المحور» مثلاً تتعدد فيها البرامج الدينية أو التى تتخذ طابعاً دينياً، ومنها على سبيل المثال برنامج «لبيك ربى» والذى يقدمه الإعلامى الشاب «أحمد الشاعر»، حاول البرنامج كسر المألوف فى «الشكل»، فالمذيع يجلس وأمامه عصائر يقدمها لضيوفه، وسط ديكور عصرى، وملابس عصرية لكلٍ من الضيف والمذيع، ولغة حوار تبتعد عن التقليدية، ما يوحى للوهلة الأولى، أن كلاماً مختلفاً سيقال، وأن شريحة الشباب والمراهقين هى المستهدفة، كل شىء يشير فيما عدا اسم البرنامج وفواصله إلى برنامج شبابى من الدرجة الأولى، يستهدف الحديث فى الدين.
قليل من التمهل سيجعلنا نصطدم بالعقلية ذاتها، التى نجدها حتماً فى أى برنامج آخر، فى حلقة الأسبوع الماضى، استضاف البرنامج الشيخ «مصطفى حسنى»، شاب يرتدى قميصا بنصف كم، مظهره عصرى للغاية، ويتحدث بلغة خطاب سهلة، لكن برغم كل هذه المرونة البادية، فإن الداعية الشاب، يرفض من الأصل أن يستخدم الشباب أدوات عصرهم فى تبادل الحديث أو «الشات» مع غرباء عنهم (عن دينهم أو جنسياتهم) طالما تطرق الحديث إلى الإلحاد!
وقال إن الآباء يشكون من خوفهم على الأبناء الذين يمارسون «الشاتنج» عبر شبكة الإنترنت، لأن الحديث عن الإلحاد يقود إليه حتماً. ما يمكن توقعه هنا، هو أن شاباً يفهم احتياجات جيله وظروفه وطبيعة تفكيره، سيدافع عن حرية التفكير، وعن ضرورة أن يثق الآباء فى القيم والأخلاق التى ربوا أولادهم عليها، وأنهم لو فعلوا ذلك فعلاً لأنشأوهم نشأةً دينيةً سليمة، لكن ينسحب الداعية «الشاب» فى منطق حديثه لأجل الوقوف عند منطقة المصادرة على حق كل فرد فى البحث والتفكير والاختيار، ويتخذ المصادرة من حيث المبدأ ضرورةً أساسيةً فى نصيحته للآباء بأن يبعدوا أبناءهم عن هذه النوعية من الأحاديث.
الحديث عن عصر السماوات المفتوحة و... إلخ، لم يعد له محل من الإعراب، فعصرنا قد تجاوزه بكثير، لكن أرجوكم.. لو أنكم تخاطبون جيلاً سيواجه العالم المتغير أسرع من لمح البصر؛ ففقهوه فى دينه.. أو لتصمتوا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة