«هى أشياءٌ لا تشترى»، عنوان فيلم أذاعته مؤخرا قناة «الجزيرة» وكما يبدو من اسمه يتناول رحلة السلام ما بين مصر وإسرائيل، وعلى مدى ساعة ونصف، يستعرض «سمير عمر» كاتب السيناريو ومخرج الفيلم، الرحلة ما بين شعب يرفض التطبيع وحكومة تصر عليها.
بالطبع فإن إنتاج قناة «الجزيرة» للفيلم -على ما يبدو- هو متسق مع كونها تناهض التطبيع، كما أن الفيلم يبرز الإصرار الرسمى على التطبيع، وهو ما يتفق أيضا مع كون العلاقة ما بين القناة والحكومة المصرية سيئة إلى حدٍ كبير.
لكن بعيدا عن الغرض الحقيقى للقناة، فإن الفيلم فى حد ذاته، هو توثيق لحقبة تاريخية تظلمها الأفلام الوثائقية، وقد أتاح الفرصة لجيل لم يعاصر زيارة السادات للكنيست ولا اتفاقية السلام، ولا ردود الفعل الشعبية عليها ؛ لمشاهدة رؤية متكاملة، طبعا يغلب عليها الموقف الرافض للتطبيع لصانع الفيلم، بل ويُظهر فيه بقوة توجهاته القومية، لكنها فى كل الحالات وقائع لا ينكرها أحد، موثقة على صفحات الجرائد وبأفلام فيديو جمعها الفيلم، كما أنه أعطى الفرصة لعدد من مناصرى التطبيع لعرض آرائهم، تماما كما أعطاها لمعارضيه، ففى كل الحالات اتسم الفيلم بالمواصفات التى تفرضها «الجزيرة» على الأفلام التى تنتجها، من طغيان للصورة على المقابلات، كما أنه وللمرة الأولى يجرى توثيق الحركة الطلابية الرافضة للتطبيع فى جامعة «عين شمس»، بعد أن أصبحت فى حد ذاتها جزءا من التاريخ بطبيعة الحال.
الفيلم قدم ثلاث شخصيات بطولية مصرية، لا يعرفها شباب هذه الأيام، الذين تتوقف معلوماتهم على أبطال واجهوا إسرائيل، عند حدود «جمعة الشوان» و«رأفت الهجان»؛ الفيلم قدم «سعد حلاوة» و«سليمان خاطر» و«أيمن حسن».
فى كل الأحوال فإن القناة دون أن تدرى، استعرضت نضالا حقيقيا للشعب المصرى بأفراده البسطاء وقواه الواعية، ضد كل أشكال التطبيع. وهو نفسه يطرح السؤال فى النهاية: حول مدى استمرار الرفض فى ضوء انشغال المصريين بالإصلاح الداخلى؟ لكنه يغادر طارحا الإجابة على لسان عدد من الضيوف وبمشاهد مظاهرات غاضبة، وعلى صوت محمد منير، وأبيات لأحمد فؤاد نجم، مؤكدا موقفه الواضح طوال الفيلم بأن هناك «أشياءً لا تشترى».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة