إبراهيم ربيع

هل نحن فرز ثالث من البشر؟

الخميس، 18 يونيو 2009 09:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل نجوم العالم يريدون أن يلعبوا فى نادى ريال مدريد حتى لو كان منذ سنوات أقل من أندية كثيرة فى أوروبا مثل برشلونة ومانشستر يونايتد وتشيلسى وإنترميلان.. هناك جاذبية خاصة للأندية التاريخية العملاقة حتى لو تراجعت أو تدهورت.. وهو نفس ما يمثله الأهلى من جاذبية فى مصر وأيضاً الزمالك الذى لم يؤثر انهياره منذ «5» سنوات فى جاذبيته للنجوم ولو هو ناد آخر لما رغب لاعب من الدرجة الثانية فى الانضمام إليه.

وكان غريباً أن يقاتل النجم البرتغالى كريستيانو رونالدو لكى يترك نادياً عملاقاً بحجم مانشستر لكى يدخل جنة ريال مدريد وبأغلى صفقة فى تاريخ الانتقالات بلغت 131 مليون دولار.. صحيح الأموال عنصر جذب رئيسى لكن لو أن نادياً آخر غير ريال مدريد عرض هذا المبلغ ما وافق رونالدو.

ولو أن هؤلاء الأجانب المتميزين يعانون من عقد نفسية مثلنا لما تهور مسئولو ريال مدريد فى تمييز رونالدو وكاكا عن نجوم آخرين، خوفاً أن يعترض أو يتمرد نجوم عندهم مثل راؤول وكاسياس.. هؤلاء الأجانب العمليون والعادلون جداً فى التعامل مع البشر يحتفظون لأنفسهم بمساحة كبيرة لتقدير واستثناء المواهب.. فكل الناس سواسية فى الحقوق لكن ليسوا سواسية فى تقدير الموهبة والكفاءة والعطاء.

هذا عكس ما يحدث عندنا.. نحن تأسسنا فى تراب «الميرى» ونبتنا من أرضه وترعرعنا على قانون المساواة بين العاطل العالة والعامل المجتهد.. بل مستعدون أحياناً لتمييز العاطل إذا كان «ظريفاً» أو مطيعاً أو مسنوداً.

ثقافة «الميرى» هى التى حرمت الأهلى من أن يأتى بنجم يستحق أن يحصل على 3 أضعاف ما يحصل عليه لاعب آخر فى الفريق.. وهى التى جعلت لاعباً خاملاً بلا دوافع مثل جمال حمزة، يطلب 3 ملايين جنيه فى السنة لمجرد أنه يتوقع أن يضم الزمالك حسن كيتا أو حسنى عبدربه بهذا المبلغ.

وحتى فى طبيعة الانتقالات.. نراها سهلة وسلسة فى أوروبا ومادون أوروبا، وصعبة ومعقدة فى مصر.. فاللاعب هناك يفكر فى أن يلعب ويطور طموحه فى إطار فنى ومالى فى نفس الوقت.. بينما لاعبنا تحركه دوافعه المالية أولاً وقبل أى شىء، ويذهب إلى الأهلى أو الزمالك وليس فى ذهنه إن كان سيلعب أو سيدخل الثلاجة، ثم يكتشف بعد أن يتجمد وينسى كرة القدم أنه اعتزل مبكراً.

وتظل أنديتنا الكبيرة تعتقد أن ضم لاعب يعنى امتلاكه حتى ينتهى عقد الملكية.. فإذا سنحت له فرصة احتراف فى الخارج، فإنها لا شك تكون الفرصة المستحيلة.. فمثلاً عمرو زكى خرج من الزمالك بطلوع الروح وظل محظورا على محمد أبو تريكة مجرد الحديث عن الرحيل لأنه حبيب الملايين.

لماذا لا تريد حياتنا أن تتحرر من العشوائية والعادات والقوانين العتيقة.. حتى أن الرياضة فى 2009 يديرها قانون من بداية السبعينيات.. لماذا تظل ملاعبنا فى القرن 21 متطابقة مع ملاعب القرن العشرين.. فتتشابه محاولة انتقال حسنى عبدربه إلى الأهلى بمحاولة انتقال رضا.. فى الحالتين كانت ثورة الإسماعيلية واحدة.. لماذا تظل المياه راكدة فى كل شىء إلا التعصب الذى تتسارع أمواجه وتجرف متعة المشاهدة والمنافسة.

لماذا نتسابق ونتنافس على المراكز الأولى فى الفقر والجهل والمرض وانهيار الحريات وحقوق الإنسان، ولا نظهر أصلاً فى أى تصنيف له علاقة بالثراء والعلم والصحة والديمقراطية.. لماذا يندفع غيرنا نحو الحياة العصرية، ونندفع نحن نحو الحياة القبلية.. لماذا نحن مغرمون بالسباق مع أنفسنا وغائبون عن السباق مع غيرنا.

لماذا لا نتقصى الحقائق ونتعلم ونحاول أن نفهم؟ لماذا قال ريال مدريد إنه دفع 70 مليون يورو لضم كاكا.. لأنه سيدر على النادى مائة مليون فى السنة!.. لماذا يدفعون هناك بسخاء ليكسبوا بوفرة، بينما نحن ندفع ومتأكدون من الخسارة؟
هل نحن فرز ثالث من البشر؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة