إذا طلب منك أحد أن تختار بحرية كاملة واحداً من بين ثلاثة أشخاص لكى يرأس مجلس إدارة العمارة التى تعيش فيها، وخاضوا معركة انتخابية طاحنة ونزيهة، فهل تسمى هذا اختيارا ديمقراطيا أم لا؟
الرد بالضبط هو ذات الإجابة عن السؤال: هل الانتخابات الإيرانية ديمقراطية حقيقية أم لا؟
من الصعب أن نقول مع محبى النظام الإيرانى عندنا، إنها أقصى ما نتمناه فى مصر، ونتحسر مثلهم على حال الديمقراطية فى بلدنا.
فالحقيقة أنها ديمقراطية مشوهة، لأن حرية المواطنين فى الاختيار محكومة بإرادة أعلى منهم، هى إرادة ما يسمونه هناك «مجلس تشخيص مصلحة النظام» والذى يترأسه حاليا الرئيس السابق هاشمى رفسنجانى، فهو الذى يوافق أو يرفض أى مرشح، وبالتالى فالاختيار ليس حرا، لأن المواطن يختار من بين ما اختاره هذا المجلس بالفعل، أى أن هذا المجلس سلطته أعلى من سلطة عموم المواطنين ومن سلطة باقى مؤسسات الدولة.
ما هى شروط الاختيار؟
الشرط الأول والحاسم، أن يكون المرشح للرئاسة شيعيا ينتمى للمذهب الجعفرى الإثنى عشرى، أى لا يحق لأى مواطن إيرانى مسلم شيعى من أى مذهب آخر، أو مسلم سنى أو مسيحى أو غيرهم أن يترشح لهذا الموقع، أى هناك انتهاك فاضح لدولة المواطنة، أى الحقوق المتساوية لكل المواطنين، فهى دولة دينية مذهبية، ودعنا نستخدم التعبير الأدق دولة عنصرية.
الأمر الثانى أن «مجلس تشخيص مصلحة النظام» لا يتم انتخابه من بين عموم المواطنين الإيرانيين، ولا حتى من بين الشيعة الجعفرية الإثنى عشرية، ولكن يعينه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، الحالى اسمه على خامنئى، والأخير بالطبع سلطته، وهو فى النهاية مجرد فرد، أعلى من سلطة الشعب الإيرانى ومن كل مؤسسات الدولة، برلمان وقضاء وغيرهما.
وهذا المرشد الأعلى تختاره هيئة تضم المرجعيات الدينية الشيعية فى مدينة قم، وهم الذين حصلوا على أعلى الدرجات الدينية «آية الله»، أى أن هؤلاء هم القادة الحقيقيون للدولة، وهم فى النهاية رجال دين لم يخترهم أحد بشكل ديمقراطى.
دعنا نرفض بقوة الوضع الديمقراطى فى بلدنا، ولكن لا أظن أن نموذج الملالى فى إيران يليق بأن يكون حلمنا لمصر.
أليس كذلك؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة