لماذا لا نفوز ببطولة كأس القارات فى جنوب أفريقيا؟ سؤال إذا طرحته على أى شخص سيضحك لا شك، ويعتبرك لا تفهم فى اللعب، ولا تعرف إمكانياتك، وإذا قلت له أنك تلعب بأحد عشر لاعبا فى مواجهة أحد عشر لاعبا وأن «القانون» لا ينحاز لطرف على حساب الآخر لكى يقنعنا أن عدلا ما ممكن، وأن الذى يخطئ يعاقب على الفور، وأمام الجميع، سيقول لك أن الخصم أفضل، وعنده تاريخ من الانتصارات والحيل يؤهله دائما لحسم المباريات، سترد عليه بأنك بطل أفريقيا منذ خمس سنوات وجربت الانتصار وأحرزت أهدافا وكنت «حلو»، وإذا غيرت الموضوع وقارنت بين بلدك وأى بلد (خارج المستطيل الأخضر)، ستسمع كلاما رائعا عن بلدك وتاريخه وعبقرية «الشخصية»، وأنه إذا أتيحت «للمصرى» الفرصة «قول يا لطيف».
فى النهاية ستجلس لمشاهدة كأس القارات متوقعا كارثة، وبدلا من انتظار الأهداف التى تتمنى أن يحرزها لاعبوك نيابة عنك، ستجلس منتظرا أقل الخسائر، خوفا من الفضيحة، وحتى لا تهتز صورة بلادك أمام «الأغراب»، الجمهور (وأنا وأنت منه) لم يعد يثق فى نفسه ولا فى قدرته على الانتصار، يشعر أنه مهزوم من باب الاحتياط، يتغاضى عن حقوقه، ولا يثق فى المستقبل ويرى أنها «خربانة خربانة»، ومع هذا يطالب اللاعبين بتوحيد الصفوف والانضباط وسحق الخصم الذى حل محل العدو القديم، النتائج المخيبة لفريقنا الوطنى، بالتعادل أمام زامبيا فى القاهرة والهزيمة أمام الجزائر فى الجزائر جعلت الذين أسعدونا فى القاهرة 2006 وغانا2008 عبئا علينا، وشعرنا فجأة أنهم كبروا وأنهم شبعوا وأنهم باتوا مثل خيل الحكومة، وأنهم لا يمثلون أشواق الجمهور الذى يريد أن يحقق له آخرون ما فشل فى تحقيقه، فى جنوب أفريقيا مطالب أنت بهزيمة معقولة من البرازيل وبهزيمة متوسطة من إيطاليا وبأى نتيجة مع أمريكا، أنت هناك بلا طموح، وهنا أيضا، لأنك لم تعد قادرا على الفوز، وخائفا من الإنفلونزا، وخائفا من تسريحك من العمل، ومن التغيير، ومن»مية الحنفية»، ومن عبور الشارع، وخائفا من المطالبة بحقوقك، ومن النزول فى مظاهرة ومن انتقاد نجوم الزمن الجديد، ومن التصرف على طبيعتك، فى وقت تمتلك فيه أفضل جيل حقق بطولات وأتيحت له أفضل إمكانيات، وتعرف أن الخصوم لا يزيدون عنك شيئا، غير أنهم ذهبوا ليلعبوا ويستمتعوا معا باللعب، ذهبوا مبتسمين ووعدوا أهلهم خيرا، حسن شحاته مدرب كبير وصاحب إنجاز لا شك فى ذلك، ولكنه نسى أن الجمهور فى السنوات الفائتة هو صاحب الإنجاز الأكبر وهو الذى خطط ولعب وفاز، لأنه كان فى حاجة إلى الفوز لكى يتجاوز هزائمه اليومية، ونسى أيضا أن الدنيا تغيرت، وأنه تأخر فى تغيير دم فريقه، وأن اللعبة تعيش حالة ارتجال فريدة بسبب وفرة المواهب، وهى حالة قد تهددالخيال القديم الذى أوصل البشرية إلى طريق مسدود، بعد الحرب العالمية الثانية ومع حركات التحرر التى اجتاحت العالم كانت البشرية تحرز أهدافا غزيرة، لأنها كانت تحتفل، واللعب فى جوهره احتفال، ظلت تلعب لسنوات طويلة بأربعة «فراودة»، وتراجعت وبدأت تدافع طوال سنوات الحرب الباردة، فقلت الأهداف وكسب التكنوقراط دون لعب، ومنذ عشرين عاما تلعب البشرية بطريقة واحدة 4 4 2، واختفى المدرب الذى كان يحث اللاعبين على الإبداع والارتجال، ليظهر المدير الفنى الذى يطالبهم بالانضباط والالتزام بالخطة، حسن شحاتة عاد لأجواء الحرب الباردة وبروح المدير الفنى فى مبارياته الأخيرة، لأنه أصبح مشغولا بخصومه خارج الملعب وبمجده الشخصى، ووصل به الأمر إلى اتهام الذين ينتقدونه بأنهم ضد مصر ونسى أن الناس فى حاجة إلى انتصار ما حتى لو فى لعبة، أنت فى جنوب أفريقيا هذه المرة مع لاعبين انتخبهم الإحباط.... مع أنهم يجيدون اللعب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة