ياسر أيوب

يوسف بطرس غالى.. وزير المالية الذى يهدر المال العام

الخميس، 21 مايو 2009 10:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄بميزانية يصل فيها العجز إلى 94 مليار جنيه.. من حق المصريين أن يطالبوا بإلغاء أى مهرجانات.. لا محافظات جديدة دون داع.. لا أوبرا فى دمنهور ولا احتفالات عالمية فى الأقصر.. ولا خدمات إضافية وطرقاً جديدة وشق ترع ومجار مائية تخص الساحل الشمالى.. لا تغيير لسيارات التاكسى فى العاصمة.. ولا مهرجانات للسينما فى شرم الشيخ
◄كنت ولا أزال أظن أن الدكتور يوسف بطرس غالى مؤهل أكثر من غيره للقيام بمثل هذا التحول الدرامى والتاريخى فى مفهوم وزارة المالية ودور ومسئولية وزيرها.. ليس فقط لأن الرجل على قدر رصين ورائع من العلم والخبرة الأكاديمية والمهنية.. وإنما لأنه جاء فى وقت شهد تحولات حكومية حادة وتغييرات فى العقيدة الحكومية سمحت بأن يجلس رجال الأعمال على مقاعد الوزراء

ما هو الفارق بين ميزانية دولة وميزانية بيت.. لا أتساءل عن الأرقام وحجم الدخل أو الإنفاق ولا يعنينى استخدام الجنيه أو المليون أو المليار.. ولكننى أقصد، هل هناك فوارق حقيقية فى الفكر والرؤى والمبادئ والأولويات والحسابات بين من يدير ميزانية دولة ومن يدير ميزانية بيت!.. ولست أصادر حق أى أحد فى اختيار الإجابة التى تناسبه وتقنعه وترضيه.. ولكننى مبدئيا لا أرى أى فارق، وميزانية الدولة هى نفسها ميزانية البيت.. ومبدئيا لن أعتمد على كلمة موازنة التى يستخدمها السياسيون والمسئولون ووجوه التليفزيون والصحفيون المهمومون بالحكومة والبرلمان وملفات السياسة والاقتصاد..

وإنما سأستخدم كلمة ميزانية.. فهى الأوقع والأصدق والأقرب للناس.. وأنا بالفعل أسعى وراء تحقيق عن ميزانية وطن تبقى صالحة وقابلة لأن يقرأها الناس العاديون فى هذا الوطن وليس المتخصصون فى الاقتصاد والأرقام فقط.. فأنا أتخيل أى وزير للمالية فى أى بلد يوم أن يتقدم للبرلمان بميزانية جديدة لاعتمادها.. لا يبقى يومها أو وقتها مجرد وزير للمالية.. وإنما أراه فى تلك اللحظة أقرب لرب أسرة قرر أن يجتمع بكل أفراد الأسرة قبل بداية الشتاء ليشاورهم فى خططهم الجماعية والفردية طوال عام مقبل.. وقبل أن يسمعهم ويصغى لمطالبهم واحتياجاتهم فضلا عن أحلامهم وطموحاتهم.

لابد أن يصارحهم أولا بحقيقة الموقف المالى للأسرة وما هو الدخل المتوقع والزيادة التى يأملها وما هى أيضا المصروفات الثابتة التى لا يمكن الاقتراب منها.. وقد تنتهى هذه الجلسة العائلية بقرار جماعى بالتقشف لو أدرك الجميع أنهم مقبلون على سنة صعبة وشائكة.. أو تنتهى بفرصة تحقيق حلم واحد أو أكثر لكل عضو فى العائلة.. لكنها على الأقل جلسة ستنتهى والكل يعرف ما سيجرى ويصبح قادرا على أن يتوقعه ويفهمه وأن يتقبله أيضا.. وهو بالضبط عكس ما يحدث فى بلادنا كل عام.. حيث لا أحد يهتم بالناس.. يشرح لهم ويحكى ويشاركهم ويحرص على أن يتابعوا ما يجرى..

وإنما يأتى هذا الوقت من كل عام.. ويعرف الناس أن وزير ماليتهم.. سيتقدم إلى برلمانهم.. ويقدم ميزانية حكومتهم.. والبرلمان يناقش.. والصحافة القومية تدافع وتشيد.. والصحافة المستقلة تصرخ وتسخر.. والناس تضطر آسفة فى النهاية لأن تنأى عن كل هذا العبث والصراخ والاتهامات المتبادلة وتكتفى بالتساؤل عن العلاوة وقيمتها أو حتى لا تسأل وتهتم لا بالعلاوة ولا بالميزانية ولا بأى شىء آخر إلا الحياة اليومية بحمولها الثقيلة وهمومها التى لا تنتهى.

وبالتالى.. لن أقول للناس إن الميزانية الجديدة لمصر.. ليست ميزانية حرب كما قال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى.. ولن أصفها بأنها الميزانية الأصعب فى تاريخ مصر، كما أشار إلى ذلك، الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية.. ولن أستخدم أى تعابير سياسية أو اقتصادية لا تستخدمها البيوت المصرية حين تجتمع عائلاتها فى جلسات المصارحة والتخطيط وانتظار سنة جديدة.. وفى هذه السنة.. فإن العائلة المصرية ستجنى مائتين وأربعة وعشرين مليار جنيه.. لكن المؤسف أن التزامات هذه العائلة والأقساط التى يجب أن تدفعها والمصاريف الثابتة التى لا يمكن إلغاؤها أو تأجيلها تصل إلى ثلاثمائة وتسعة عشر مليار جنيه.. وهو ما يعنى أننا كمصريين..

مصروفاتنا تزيد على إيراداتنا بحوالى أربعة وتسعين مليار جنيه.. ولذلك حين يسمع كل أعضاء العائلة المصرية المسئول عن أموالهم وميزانية بيتهم الكبير يقول لهم إن العام المقبل سيشهد عجزا بين إيراداتهم ومصروفاتهم يصل إلى أربعة وتسعين مليار جنيه.. فإنه من الطبيعى والمنطقى.. ومن الضرورى أيضا، أن يتخيل المصريون جميعهم ودون أى حوار أو نقاش، أن الحكومة قررت صرف النظر عن أى ترف وعن كل ما هو ليس ضروريا على الأقل خلال هذا العام.. لا مهرجانات ولا كرنفالات ولا احتفالات صاخبة.. لا محافظات جديدة دون داع وتقسيمات إدارية تتبعها فواتير مالية باهظة.. لا أوبرا فى دمنهور ولا احتفالات عالمية فى الأقصر..

لا مهرجان للإعلام العربى أو غير العربى.. ولا خدمات إضافية وطرق جديدة وشق ترع ومجار مائية تخص الساحل الشمالى.. لا تغيير لسيارات التاكسى فى العاصمة أو غيرها حيث فى البلاد الفقيرة والمأزومة لا تعد جريمة أن يكون عمر السيارة الأجرة أكثر من ثلاث سنوات.. ولا لوحات معدنية جديدة أو إشارات مرور ذكية أو غبية.. لا تطوير ساذج للثانوية العامة يلزم كل المدارس الفقيرة بضرورة امتلاك أجهزة كمبيوتر تكفى كل ما تضمه من طالبات وطلبة.. لا كأس عالم لشباب كرة القدم بما يحتاجه من ملاعب ومنشآت تتكلف الملايين ولا مهرجانات سينمائية جديدة فى شرم الشيخ أو غيرها.. وأشياء أخرى كثيرة جدا سيتخيل كل مواطن مصرى بسيط أنه لم يعد لها مبرر أو ضرورة فى ظل الأزمة وميزانية الأزمة بعجزها الهائل الذى لا يعرف أحد فى الحكومة نفسها كيف سيمكن مواجهته وسداده.

ولكن.. لا شىء سيتوقف من هذا الترف.. وستبقى مصر تعيش بتناقضاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. أو سنبدأ نحن المصريين نعيش أكثر من مصر.. مصر الغنية القادرة المرفهة الحالمة بالحياة الناعمة المغرمة بحفلات البهجة والليالى الساحرة.. ومصر الفقيرة والمديونة والمأزومة.. مصر التى تنفق الملايين لمجرد مسايرة أوروبا فى الشكل وليس المضمون.. ومصر العشوائية التى لا تجد السكن أو المدرسة أو الوظيفة أو قرص الدواء. وحتى لا أخرج عن إطار الميزانية التى تخصنا كلنا.. فإن ميزانية الأزمة الخانقة.. ميزانية الحرب.. ميزانية الأربعة والتسعين مليار جنيه عجزا.. سمحت للدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية بأن تزيد مخصصات وزارته بنسبة اقتربت من الثلث وأن يخصص مائة وخمسين مليون جنيه لاستثمارات جديدة فى مجال التنمية الإدارية.. وأن تصبح مخصصات مكتب وزير المالية نفسه مائة واثنين وثلاثين مليون جنيه للعام المقبل.

. وأن تزيد مخصصات رئاسة الحكومة بنسبة تجاوزت الأربعين بالمائة لتصبح مائة واثنين وخمسين مليون جنيه.. كل ذلك فى الوقت الذى طلبت فيه الحكومة، ووافقها نواب لا أول لهم ولا آخر.. إلغاء العلاج على نفقة الدولة والذى تبلغ قيمته أربعمائة مليون جنيه لن تتحملها الميزانية المأزومة والمديونة..

وهذا مثال واحد فقط لما يجرى وما تعيشه مصر حاليا من تناقضات صارخة وموجعة ومهينة أيضا.. وأنا بالطبع أتفهم حيرة الدكتور بطرس غالى.. وتعاطفت معه بصدق وهو يقول تحت قبة البرلمان إنه لا يعرف كيف يتصرف، ولديه أكثر من ثلاث وثلاثين وزارة وكل وزارة تريد ثلاثة أو أربعة مليارات جنيه.. وتعاطفت معه وهو يقول لنواب الشعب بمرارة إن إيرادات قناة السويس تراجعت.. والليالى السياحية تقلص عددها وانخفضت أعداد السائحين القادمين لمصر.. ونقصت معدلات الاستثمار وزاد العجز فى الميزان التجارى بنسبة بلغت خمسة وعشرين بالمائة.. تعاطفت مع وزير المالية وهو يتحدث ويعلن ويؤكد كل ذلك.. ولا أظن أن أى مصرى عاقل وطبيعى سيرفض التعاطف مع الدكتور يوسف بطرس فى مواجهة كل هذه الظروف الصعبة والمؤلمة.

ولكن ما إن يبدأ الدكتور يوسف بطرس غالى الحديث عن أسلوب مواجهته لكل هذه الأزمات والديون.. حتى يبدأ تدريجيا فى فقد تعاطف الجميع معه ومع وزارته ومع حكومته أيضا.. فالرجل المسئول عن أموالنا وميزانيتنا.. لم يجد حلولا لمواجهة كل ذلك إلا بالحديث عن تنشيط تحصيل المتأخرات من الضرائب وهو أمر سيأتى لخزانة الدولة بثلاثة عشر مليار جنيه.. وهو بالتأكيد أمر رائع..

ولكن ألا يمكن التوقف هنا والتساؤل حول هذه المليارات وهل ستأتى عن طريق فرض ضرائب جديدة فى الواقع أم أن هناك من لا يسددون ضرائبهم المتأخرة والحكومة تعرفهم ولم تبدأ فى مطالبتهم أو مطاردتهم إلا لحظة الأزمة فقط.. أى أنه لو لم تكن هناك أزمة ما كانت الحكومة قد قررت أصلا تنشيط هذا التحصيل.. ثم من هم هؤلاء الذين تأخروا فى سداد ضرائبهم.. فإن ضغطت عليهم الدولة لتحصيل ما عليهم من ضرائب متأخرة.. فإنها ستجمع ثلاثة عشر مليار دولار.. وهل أصبحت الضرائب هى دائما الوسيلة الوحيدة لمواجهة الحكومة لأى أزمة..

وهو ما يجعلنى أجاهد كثيرا وطويلا لأبعد عن ذهنى صورة وزير المالية كرجل الجباية.. الذى يطلب منه السلطان توفير المال.. فينزل إلى الشوارع مع الحرس يفرض مزيدا من الضرائب على الناس والبسطاء ليعود للسلطان بالمال.. ولعلها ليست نكتة إن توقفنا أمام وزارة المالية نفسها وتاريخها.. فالمالية لم تكن إحدى الوزارات الثمانى التى بدأ بها النظام الوزارى فى مصر عام 1878.. فقط ولكنها كانت الوزارة الوحيدة التى لم تشترط الجنسية المصرية فيمن يشغلها..

وأصبح ريفرس ويلسون هو أول وزير للمالية فى مصر.. تم اختياره وإسناد المنصب إليه بعد تشكيل أول حكومة فى تاريخ مصر برئاسة نوبار باشا بثلاثة أسابيع.. وكان تولى ويلسون وزارة المالية هو أحد الشروط الأساسية لحكومتى بريطانيا وفرنسا لاحترام السيادة المصرية وعدم التدخل المباشر والفاضح..

ولم ترض الدولتان الكبيرتان إلا بخواجة يصبح وزيرا لمالية مصر حتى يضمن لهما سداد ما لهما من ديون عن طريق جباية وتحصيل الضرائب من الفلاحين والعمال المصريين.. ويبدو أنها كانت فكرة.. أو رؤية.. تأسست بها أول وزارة للمالية فى مصر.. ولا تزال هى حجر الأساس لهذه الوزارة مهما اختلف وتعاقب عليها الوزراء.. بداية من إسماعيل راغب باشا.. أول وزير مصرى لوزارة المالية فى الحكومة المصرية.. وواحد من خمسة رؤساء للحكومة فى مصر كانوا وزراء للمالية قبل رئاسة الحكومة كلها.. إسماعيل راغب باشا.. بطرس غالى باشا.. حسن صبرى باشا.. الدكتور عبد العزيز حجازى.. الدكتور على لطفى.. ولا أعرف ما إذا كان الدكتور يوسف بطرس غالى يطمح ويأمل فى أن يصبح سادسهم أم لا.. وإن كنت لا أظنه أنه حلم قابل للتحقق وطموح ممكن أن يصل إلى منتهاه.. فالدكتور يوسف بطرس غالى أخف دما من أن يصبح رئيسا للوزراء.. وعجلة الطموح الوظيفى دارت به بسرعة هائلة بحيث لو كان مقدرا له أن يغدو رئيسا للحكومة لكان الآن هو رئيسها بالفعل وليس فقط وزيرا لماليتها..

فالرجل أنهى دراسته الجامعية الأولى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة ثم دراسته الثانية بمعهد ماساشوسيتس الأمريكى.. أصبح مدرسا وأستاذا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية..

ثم مديرا لمركز التحليل الاقتصادى بمجلس الوزراء.. ثم مستشارا اقتصاديا لكل من محافظ البنك المركزى ورئيس الحكومة.. ثم وزير دولة للتعاون الدولى.. ووزير دولة لشئون مجلس الوزراء.. ثم وزير الاقتصاد.. ثم وزير دولة للشئون الاقتصادية.. ثم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية.. ثم وزير التجارة الخارجية.. ثم وزيرا لمالية مصر منذ عام 2004.

وقد قصدت أن أطيل فى استعراض مناصب الدكتور يوسف بطرس غالى لسببين.. الأول هو نظرة عابرة وسريعة على التخبط الوزارى الذى تعيشه الحكومة المصرية بحيث بات من الصعب أن تحتفظ وزارة باسمها لخمس سنوات متتالية.. والثانى هو التأكيد على أن الحكومة استراحت لبطرس غالى فى دور وزير المالية.. فهو لم يبق قبل هذه الوزارة فى أى دور أو منصب أكثر من عامين.. ويبدو أن الرجل بالفعل نجح كوزير للمالية كما لم ينجح فى أى دور أو منصب آخر.. يبدو أيضا أن الدكتور يوسف بطرس غالى مثل أنجح وأشهر وزراء المالية فى تاريخ مصر أدرك تماما طبيعة دور وزير المالية فى بلد مثل مصر.. حيث يصبح هذا الوزير رجلا ليس مهموما أو مكترثا بأفضل أساليب إنفاق المال.. ولكنه يعرف جيدا وبشكل دقيق من أين يأتى المال ومن أولئك التعساء الحاضرين دوما لتغطية أى عجز حكومى أو لتدبير لوازم أى ترف حكومى.

وقد بذلت جهدا إضافيا قبل أن أشرع فى كتابة هذه الكلمات.. وقرأت الملفات الصحفية الخاصة بحوارات الدكتور يوسف بطرس غالى وتصريحاته وخطبه الرسمية ونكاته وقفشاته الصحفية والتليفزيونية والبرلمانية أيضا.. واستوقفنى بالورقة والقلم والآلة الحاسبة أن تسعين بالمائة من كلام الدكتور يوسف بطرس غالى ومن كتاباته..

تدور حول الضرائب وليست حول المال العام وبنود الميزانية.. وقد يكون من التجنى السياسى والإعلامى أن أتهم الدكتور يوسف بطرس غالى بمثل هذا القصور وكأنه هو المسئول عن هذا الدور وهذه الرؤية..

لأن وزارة المالية كما سبق أن أشرت أنشئت أساسا بطلب بريطانى فرنسى بهدف فرض الرقابة على ما يتم جمعه من مال وليس لوضع ضوابط ما يجرى من إنفاق المال العام وتوزيع الميزانية كل سنة.. وهو الأمر الذى لم يكن باستطاعة أى وزير مالية من الذين سبقوا الدكتور يوسف بطرس غالى الخروج عليه أو تغييره.. وإلا كان الأسهل هو خروج الوزير نفسه من الوزارة..

وعلى الرغم من اعترافى بذلك إلا إننى كنت ولا أزال أظن أن الدكتور يوسف بطرس غالى مؤهل أكثر من غيره للقيام بمثل هذا التحول الدرامى والتاريخى فى مفهوم وزارة المالية ودور ومسئولية وزيرها.. ليس فقط لأن الرجل على قدر رصين ورائع من العلم والخبرة الأكاديمية والمهنية.. فقد سبقه لنفس المنصب وزراء كل منهم امتلك من العلم والخبرة ما كان كافيا لإحداث التغيير الضرورى فى الرؤية والسياسة.

وإنما لأن الدكتور يوسف بطرس غالى تولى وزارة المالية فى وقت شهد تحولات حكومية حادة ولافتة للانتباه والاهتمام أيضا.. فقد تولى وزارته وسط تغييرات فى العقيدة الحكومية سمحت بأن يجلس رجال الأعمال على مقاعد الوزراء.. ومناخ بات يسمح ولو بالقليل من التجربة والمغامرة والابتكار السياسى والاقتصادى..

وكان ذلك فرصة رائعة لأن يطرح الدكتور يوسف بطرس غالى رؤيته الجديدة المغايرة.. أو المسايرة لما يجرى فى العالم كله.. فوزير المالية لم ولن يكون أبدا مجرد وزير بدرجة رئيس أعلى لمصلحة الضرائب أو لكل مصالح الضرائب باعتبار أن مصر تشهد فى كل يوم جديد ضريبة جديدة تلزمها مصلحة وقانون وموظفين ومبنى ولافتة..

وعلى سبيل المثال.. كان بإمكان الدكتور يوسف بطرس غالى أن يتوقف.. وينزعج باسم المصريين جميعهم.. حين فوجئ وكلنا معه بأمين أباظة..
وزير الزراعة.. يشكو من تدنى ميزانية الوزارة ويفجر مفاجأة فى مجلس الشعب حين قال إن الدولة أنفقت عشرين مليار جنيه فى السنوات الثلاثين الماضية لاستصلاح مليونى فدان عبر 14 مشروعا، ولكن فشلت كلها.

ولو كنت مكان الدكتور يوسف بطرس غالى..لاستندت إلى هذا الاعتراف الوزارى الغاضب.. لأبدأ من جديد فى مناقشة طلبات كثير من الوزارات بزيادة مخصصاتها على أمل الاستثمار فى مشروعات جديدة تبدو من بعيد براقة ولامعة ولكن بقليل من التمعن والتمهل يتضح أنه لا فارق بينها وبين سوابقها التى لم تخلف لنا إلا الإحباط ومزيدا من التعثر والديون والأزمات.. هذا مجرد مثال وهناك ألف مثال غيره..

فقد رفض الدكتور يوسف بطرس غالى الموافقة على أن تتقدم وزارة الصحة لمجلس الشعب بقانون التأمين الصحى الجديد.. استنادا إلى أن الميزانية لن تسمح ولن تحتمل.. فلماذا كل هذا الحرص على الميزانية المتعثرة أمام طلبات قد تبدو مهمة وضرورية وتمس حياة الناس.. بينما لا نسمع لوزير المالية صوتا ولا حتى تلميحا بضجر واعتراض أمام مشروعات ومقترحات.. تأتى من وزارات أخرى.. والدكتور يوسف بطرس غالى هو أول من يعرف أنه ليس وقتها وأوانها.. وأن الميزانية الحالية والمستقبلية لا تحتمل بالفعل مثل هذا الترف..

لماذا يتسامح الدكتور بطرس غالى مع تصرفات مالية مكلفة من أجل الوجاهة السياسية والاجتماعية فقط.. ويضغط بشكل هائل ومزعج لتقليص مخصصات روافد أساسية فى حياة المصريين كالتعليم والصحة.. أظن أن الدكتور يوسف بطرس غالى لابد أن يملك إجابة.. وأنا سأنتظر منه هذه الإجابة.

لمعلوماتك...
2004 تولى يوسف بطرس غالى منصب وزير المالية
1952 ولد الدكتور يوسف بطرس غالى فى القاهرة









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة