◄كانت أحلامه كبيرة حين كان مكتفيا بإدارة مستشفاه الخاص.. ولم يتحقق منها شىء بعد أن أصبح وزيرا
◄حكاية تأسيس وزارة الصحة من الغرابة بما يكفى لأن يشعر كل وزراء الصحة فى تاريخ مصر بكثير من الاستياء والخجل
كان هذا المشهد يستفزنى دائما ويملأنى بالغيظ والغضب والحزن.. مشهد السهم العربى المسموم فى صدر ريتشارد قلب الأسد من فيلم الناصر صلاح الدين.. إذ إنه بعد إصابة ريتشارد، وانتفاضة الغضب فى معسكر الفرنجة.. يجتمع صلاح الدين الأيوبى مع كبار قادته ومستشاريه ليقرروا ما الذى يمكن فعله.. وحين يقترح العادل إرسال الطبيب الخاص بصلاح الدين لعلاج ريتشارد ومحاولة إنقاذه.. يرفض صلاح الدين ويقرر أنه هو الذى سيذهب بنفسه لعلاج ريتشارد، لأن إنقاذ حياة ريتشارد إنقاذ لسمعة العرب جميعهم.
دائما رأيت فى هذا المشهد امتهانا سينمائيا فجا وفاضحا ومخجلا، وانتقاصا من قدر مهنة عظيمة وراقية اسمها الطب.. فحين اجتمع كل القادة الكبار لمناقشة أزمة طبية عاجلة تتعلق بإصابة ريتشارد قلب الأسد ومحاولة علاجه وإنقاذه.. لم يفكروا أصلا فى دعوة أى طبيب لمشاركتهم الاجتماع والحوار.. وحين تقرر أن العرب هم الذين سيتولون علاج ريتشارد.. سخر صلاح الدين الأيوبى من فكرة إرسال طبيبه الخاص الذى من المفترض نظريا، أنه أهم وأعظم وأنجح أطباء عصره وزمانه، وقرر صلاح الدين أن يذهب بنفسه.. ولم أعرف حتى الآن من الذى أقنع صلاح الدين بأنه أقدر وأجدر وأكفأ من طبيبه الخاص.. لا أعرف أيضا لماذا يسهل هكذا دائما الاستغناء عن الطبيب واستبعاده.. وباستثناء الراحل القدير..
الدكتور فؤاد محيى الدين.. فإن مصر لم تقتنع يوما قبل أو بعد الدكتور فؤاد، بأن تسلم قيادة حكومتها وشئونها لطبيب.. وغالبا ما كان وزير الصحة هو أحد الوزراء الثانويين الذين لا يشكل اختياره أى أزمة أو مشكلة لدى الرئيسين.. رئيس الدولة أو رئيس الحكومة.. وكأن وزير الصحة.. فى العادة..
هو أى طبيب لابد منه لاستكمال الوجاهة الدستورية والحكومية وملء فراغ لا يليق سواء حول مائدة اجتماعات مجلس الوزراء أو فى الصفحات الأولى للصجف القومية عند كل تغيير أو تعديل وزارى.. ولأنه حين تحدث أى أزمة أو مشكلة.. فسيلتقى الجميع كما فى المشهد الشهير من فيلم الناصر صلاح الدين، ولن يحضر الطبيب..
وحتى إذا سمحوا له بالحضور، فلن يسمحوا له بالكلام، وإبداء الرأى والمشورة.. إنما هو حاضر فقط ليصمت، ولضمان وجود شخص مناسب لتقديمه للرأى العام كضحية فى حالة فشل الحكومة، أو عجزها عن مواجهة أى أزمة طبية، أو تخص صحة الناس فى هذا الوطن.
وبهذا المنطق.. تابعت سلوك الحكومة ووزرائها وإعلامها مع الدكتور حاتم الجبلى، وزير صحة المصريين فى زمن الكوارث والأوبئة، وكل أشكال الأنفلونزا من البشر إلى الطيور إلى الخنازير.. فآخر من يمكن الإصغاء إليه هو الدكتور حاتم الجبلى، بينما هو أول من سنطالب برأسه حال وقوع الكارثة..
آخر من سنعطية سلطة الاختيار وقوة القرار، بينما هو أول من سيقف فى قفص الاتهام حين نشاء أن نعقد محاكمة ترضى ضميرنا، وتوافق هوانا، وتعلن براءة الكبار من مسئولية أى عجز أو تقصير.. وأنا هنا لن أناقش سياسة الدكتور حاتم الجبلى كوزير للصحة وهل نجح أم فشل، وأصاب أم أخطأ.. قبل أن أناقش دور هذه الوزارة أولا، والمفهوم الرسمى والسياسى لوزارة اسمها الصحة، ووزير مفترض أنه مسئول عن صحة المصريين.. وليس من باب الاستطراد أو حتى الاستظراف أن أتوقف أولا عند فكرة ومعنى وحكاية أول وزارة للصحة فى مصر.. وكان ذلك يوم السابع من أبريل عام 1936..
حين أصدر الملك فؤاد، المرسوم الملكى بإنشاء وزارة الصحة العمومية.. وتضمن المرسوم الملكى أن تضم هذه الوزارة الجديدة.. مصلحة الصحة التابعة لوزارة الداخلية.. والأقسام الخاصة بالصحة التابعة لوزارة الأشغال.. وبعد ثلاثة أيام بالضبط.. أصدر الملك فؤاد مرسوما ملكيا ثانيا بتعيين الدكتور محمد شاهين باشا أول وزير للصحة العمومية فى مصر.. وقد جرى ذلك كله قبل وفاة الملك فؤاد بثلاثة أسابيع فقط.. وهذا هو ما أود التوقف والتمهل أمامه..
فالملك فؤاد لم يقرر إنشاء وزارة للصحة العمومية، لأنه رأى خطرا يهدد صحة المصريين، وبات من الضرورى البحث عن وزارة تتصدى لهذه المخاطر، وتهتم بصحة عموم المصريين وتحافظ عليها وعليهم.. وإنما كانت أسباب الملك ودوافعه.. شخصية بالمقام الأول والأخير.. وقد كانت حكاية تأسيس هذه الوزارة من الغرابة بما يكفى، لأن يشعر كل وزراء الصحة فى تاريخ مصر، بكثير من الاستياء والخجل.. والحكاية كما رواها حسن باشا يوسف..
رجل القصر القوى ووكيل الديوان الملكى لعشر سنوات متتالية.. تتلخص فى أن الملك فؤاد فى أسابيعه الأخيرة، كان دائما ما يصاب بالغيبوبة نتيجة إصابته بمرض السكر.. وفى إحدى المرات فاق الملك من غيبوبته ليجد الدكتور محمد شاهين باشا.. طبيبه الخاص.. جالسا بجواره ساهرا على رعايته..
فلم يملك الملك المريض إلا أن يقول متأثرا.. ممنون لك يا معالى الوزير.. وكان هذا المنطوق الملكى سببا لحيرة على ماهر باشا رئيس الوزراء.. فالملك قرر فجأة أن محمد شاهين باشا أصبح صاحب معالى.. ولم يكن هناك فى القصر كله.. أو الحكومة كلها.. من يملك مراجعة الملك فيما قاله، أو تجاهل المنطوق الملكى استنادا إلى أنه هذيان ملك مريض بدأ معركته الأخيرة والخاسرة مع الموت.. وبالتالى باتت المهمة العاجلة لرئيس الحكومة هى اختراع وزارة جديدة يمنح مقعدها ولقبها للطبيب الملكى الخاص.. ولأن الوزير الجديد طبيب.. فقد اتجه تفكير الحكومة ورئيسها بسرعة إلى لملمة كل الإدارات الحكومية المختصة بالطب وصحة الناس فى مختلف الوزارات القائمة بالفعل لتأسيس هذه الوزارة الجديدة التى صدر بها المرسوم الملكى، وباتت تحمل وزارة الصحة العمومية.
المصادفة وحدها.. ومرض الملك.. وطبيب مخلص لمهنته.. كانوا السبب الحقيقى فى إنشاء وزارة لصحة المصريين.. وتأسست الوزارة الجديدة ببقايا إدارات تمت استعارتها من وزارات أخرى.. ومن يومها ولا يزال هذا هو القانون الدائم فى تعامل الدولة مع هذه الوزارة..
لم تتوقف مصر أبدا من قبل، لتعاود النظر والحسابات فى أمر وزارة الصحة ومكانتها وضرورتها.. وعلى الرغم من كل الشعارات البراقة سواء قبل ثورة يوليو أو بعدها بشأن الاهتمام بالناس، والالتفات للفقراء ومواجعهم وهمومهم.. فلم تسمح هذه الشعارات أبدا بأن تصبح وزارة الصحة من الوزارات الهامة كالدفاع أو الداخلية أو الخارجية.. ولم يشفع أبدا لوزارة الصحة أن مصر بلد، يشكو معظم الناس فيه من أمراض ومواجع لا أول لها ولا آخر.. ولم تكتسب وزارة الصحة أبدا ما تستحقه من مكانة واعتبار على الرغم من عذابات ملايين المصريين، وهم يواجهون المرض كل يوم ويخسرون معاركهم مع الوجع، ويستسلمون للموت يوما بعد يوم..
والدليل هو أن ما جرى فى ثلاثينيات القرن العشرين، حين تأسست وزارة الصحة لتكريم طبيب واحد.. تكرر بصورة أخرى ولكن مشابهة فى تسعينيات نفس القرن حين تم اختصار بعض واجبات الوزارة ومهامها لتأسيس وزارة جديدة للسكان، أيضا لمجاملة الدكتور ماهر مهران..
ثم تنتفى الحاجة للمجاملة، فتصبح وزارة الصحة والسكان معا.. ثم تأتى الحاجة لمجاملة الدكتورة مشيرة خطاب.. فتعود وزارة السكان للوجود مرة أخرى.. ولا أزال أذكر حواراتى الطويلة والجميلة فى بداية سنوات التسعينيات مع واحد من أعظم وأشهر أطباء مصر على الإطلاق.. الدكتور هاشم فؤاد.. وأحد القليلين جدا الذين رفضوا منصب الوزير فى تاريخ مصر السياسى والحكومى.. فالدكتور هاشم فؤاد، كان أنجح وأعظم من تولوا عمادة كلية طب قصر العينى.. والرجل الذى أعاد الهيبة والاحترام والنظام لأكبر مؤسسة طبية فى مصر، بعدما بلغ بها التردى والانهيار درجة أن أحدا لم يعد يريد أن يتلقى أى علاج فى قصر العينى، لأنه لم يكن يريد أن يدخل ليموت فى واحدة كانت من أقدم وأعرق مدارس الطب فى العالم.. وفجأة..
قررت الحكومة أن تستعين بهذا الرجل ليضبط إيقاع وزارة الصحة، ويكرر معها معجزته الرائعة مع قصر العينى.. وحكى لى الدكتور هاشم فؤاد أنه فور تلقيه نبأ ترشيحه أصر على التساؤل.. هل اختياره كوزير للصحة سيعنى اضطراره لأن يغلق عيادته الخاصة بطب الأنف والأذن والحنجرة.. وقيل له أن القانون يمنع أى وزير من ممارسة أى أعمال خاصة.. وبالتالى لابد من إغلاق العيادة الخاصة بالدكتور هاشم فؤاد طالما بقى وزيرا للصحة..
فقال الدكتور هاشم لمن يخبره بذلك، إنه يوافق على تولى الوزارة ولكن بشرط.. أن تمنحه الدولة راتبا يوازى دخله الشهرى من عيادته التى سيضطر لإغلاقها.. لأنه سيكتفى بما يقبضه رسميا ولا ينوى أن يسرق أو يرتشى أو يتحايل على القانون، ليضمن بقاء نفس المستوى الذى يعيش به.. فقيل له أن ذلك مستحيل وأنه لابد أن يقنع بالمرتب الرسمى للوزراء.. والذى كان وقتها لا يعادل إلا دخل العيادة الخاصة فى يوم واحد فقط.. فقرر الدكتور هاشم فؤاد الاعتذار عن عدم قبول منصب الوزير.. وتعرض الرجل وقتها لكثير من الضغوط ليقبل.. ومعها محاولات عديدة لإغرائه بوجاهة المنصب الوزارى وقيمته وبريقه.. ولم يستجب الدكتور هاشم لا للضغوط ولا للإغراءات.. وسألته عن السبب.. فقال لى.. لأننى هاشم فؤاد.. ولا أريد أن أفقد ضميرى أو رجولتى.. فالرجل فى مصر لا ينبغى أن يخشى إلا أمرين فقط.. أن يكون لصا أو شاذا.. وأنا لست لصا لأننى باشا ونجل باشا، وسأموت وأنا باشا.. وأيضا لست شاذا لأننى أقمت علاقات مع كثير من أجمل نساء القاهرة.. وقد كان هاشم فؤاد على حق فى النقطتين.. فقد كان فعلا رجلا رفيع المستوى وعظيم الاحترام لنفسه، واحترام الناس له.. أما غرامياته فهى التى استوحى منها الراحل الكبير إحسان عبد القدوس أحداث وتفاصيل روايته الشهيرة.. أنف وثلاث عيون.
لكن ما يعنينى الآن من رفض الدكتور هاشم فؤاد لوزارة الصحة.. هو إحساسه، كما حاول وقتها أن يشرحه لى، بأن وزارة الصحة فى رأى الحكومة ليست من الوزارات الهامة أو المؤثرة.. ووزير الصحة فى عرف الحكومة ومفهومها وإعلامها.. هو من الوزراء المهمشين الذين لا رأى لهم ولا قرار ولا مكانة أيضا.. بل إن الناس حتى لم تعد تهتم، ولم تكن أبدا لتهتم بمن جاؤوا به وزيرا جديدا للصحة، ولا لماذا تم استبعاد من كان وزيرا للصحة.. ولا أعتقد أننى أبالغ إن قلت الآن، أن ما قاله لى الدكتور هاشم فؤاد منذ قرابة العشرين عاما، لا يزال صحيحا وواقعيا.. ودون أن أقصد بذلك الانتقاص من قدر ومكانة كل الذين تولوا منصب وزارة الصحة فى الحكومات المتوالية.. فقد كان معظمهم أطباء الشموخ والرقى والتجسيد الحقيقى والواضح لمفهوم الطب، وكل من يرتدون البالطو الأبيض لممارسة هذه المهنة الراقية والسامية والنبيلة.. ولكن أقصد أننا لا نزال عاجزين تماما عن تحديد دور واضح ومحدد.. ومكانة دائمة ولائقة.. لوزارة الصحة ووزيرها.. لا تزال هذه الوزارة تدار بمنطق المصادفة.. والمصادفة أيضا هى التى تختار وزراءها وتضبط أداءها وتقييمها سياسيا وشعبيا وإعلاميا أيضا.. ولأننى أعرف الدكتور حاتم الجبلى قبل توليه وزارة الصحة.. وكانت لنا حواراتنا الطويلة وهو يدير مستشفى دار الفؤاد قانعا بأن هذا هو مكانه ودوره وواجبه.. فلابد من التوقف عند بعض هذه الحوارات.. وبالتحديد يوم استضاف مستشفى دار الفؤاد أول مريض انجليزى جاء إلى مصر، ليتلقى علاجه فى هذا المستشفى الأنيق على أطراف القاهرة.. أو الجيزة أو حلوان أو 6 أكتوبر.. فأنا لست سريعا بما يكفى لمواكبة التغييرات الجغرافية والإدارية للقاهرة.. وكانت مؤسسات وشركات التأمين الصحى فى بريطانيا قد اختبرت مقاييس كفاءة الطب والتمريض والرعاية والتعقيم والانضباط المهنى والإدارى لمستشفى دار الفؤاد، ووافقت على اعتباره أحد المستشفيات التى يمكن إرسال المرضى الإنجليز للعلاج بها.. وبالفعل جاء أول مريض انجليزى.. وطلبت منى جريدة الشرق الأوسط اللندنية تحقيقا عن هذا الحدث الذى كان الأول من نوعه فى الشرق الأوسط.. وبالفعل التقيت بالمريض وأطبائه المصريين، وكتبت الحكاية التى نشرتها الشرق الأوسط على صفحة كاملة.. وبقيت بعدها بشكل دائم ومنتظم ألتقى بالدكتور حاتم الجبلى للحديث عن الطب والأطباء فى مصر.. ولم يكن الدكتور حاتم.. مدير مستشفى دار الفؤاد وقتها.. يكف عن الحديث عن أحلامه للطب وللأطباء فى مصر.. وكانت بالفعل أحلاما جميلة وطموحات مشروعة تليق بمصر وبالطب فى مصر الذى تم امتهانه كثيرا والانتقاص نتيجة العمد أو الغفلة من قدره ومكانته وضرورته ونجاحاته أيضا.. ولكن يبدو أن الدكتور حاتم الجبلى وقتها لم يكن قد سمع أو حفظ تلك الحكمة القديمة والشهيرة التى تقول.. كن حذرا فيما تتمناه، فقد تحصل عليه.. لأنه أفرط فى أحلامه، وفى تأكيداته بأنه لو كان وزيرا للصحة فلابد من القيام بأمور وترتيب أمور وإعادة هيكلة أمور وإلغاء أمور.. وفجأة.. أصبح الدكتور حاتم الجبلى وزيرا للصحة.. ولا أزال أذكر أن رسالتى الأولى لوزير الصحة الجديد.. على تليفونه المحمول.. كانت أنه قضى أكثر من سنة يحدثنى ويحكى لى عما يجب وينبغى أن تقوم به وزارة الصحة فى مصر.. وها هو الآن قد أصبح وزيرا للصحة.. وبالتالى فلابد أن يسعى لتحقيق كل ما كان يحلم به ويتمناه.
ولكن للأسف.. لم يتحقق ولو حلم واحد من أحلام وزير الصحة.. صحيح أنه كان وزيرا سيىء الحظ لأنه عاش أزمتين عالميتين فى منتهى الخطورة والقسوة.. لكن يصعب تصور أن الدكتور حاتم الجبلى.. لم ينجح كوزير للصحة.. فى تحقيق ما كان يحلم ويطالب به وهو ليس وزيرا.. فقط بسبب الانفلونزا.. وإنما كانت وتبقى هناك بالتأكيد أسباب أخرى.. ولا يمكننى أن أعفى الدكتور حاتم نفسه من مسئوليته عن بعض أو كثير من هذا الإخفاق.. ومبدئيا أعفيه من كل الردود التقليدية التى قد يفكر فى الاستعانة بها مثلما يحدث غالبا طول الوقت.. لأننى أعرف وأوافق على أن الثلاثة عشر مليار جنيه فى السنة، لا تكفى لسداد كل فواتير صحة المصريين.. سواء لعلاج الفقراء فى مستشفيات حكومية مجانية لم تعد مستشفيات ولم تعد آمنة.. أو لتقديم دواء مجانى لفقراء لا يملكون ثمن الطعام الكافى أصلا قبل محاولة البحث عن الدواء.. أو لتعديل الأوضاع المالية.. المحزنة والمهينة.. لأطباء مصر.. والتى قاربت على التغيير بعد نجاح حاتم الجبلى فى التوصل لاتفاق جديد ـ قد لا يتم ـ مع وزارة المالية يصبح الحد الأدنى لمرتبات الأطباء هو ألف ومائتا جنيه فى الشهر.. وألفان وثلاثمائة جنيه لكل من يحمل شهادة الدكتوراة فى علوم الطب والجراحة.. وبالطبع هناك إجابات أخرى.. أيضا سأصدق فيها الدكتور حاتم الجبلى حين يقولها.. مثل أنه ليس مسئولا عن هذا التدهور الحاد فى صحة المصريين.. نتيجة الأخطاء الحكومية الفادحة والفاضحة فى علاج البلهارسيا، والتى أهدتنا اليوم تسعة ملايين مصرى، مصابين بالفيروس سى.. ولا المبيدات وفساد من جاء بها وأدخلها وفرضها على الناس، فأدت إلى أرقام مخيفة ومرعبة عن إصابات السرطان بكافة أشكاله فى مصر..
ولا الذين يريدون من حاتم الجبلى إصلاحا للطب فى مصر، وفجأة يصبحون أعداءه، لو كان هذا الإصلاح سيمس مصالحهم الشخصية المباشرة.. ولكننى لا أزال مقتنعا بأن الدكتور حاتم الجبلى أخطأ.. وسيبقى أكبر أخطائه أنه لم يحاول رد الاعتبار للطبيب المصرى، ولوزارة الطب حتى لو كان الثمن هو خروجه من الوزارة أو اعتذاره عن عدم الاستمرار فى منصب لا توليه الحكومة أى اعتبار أو قيمة..
فقد آن أوان أن تتغير الرؤية الحكومية لوزارة الصحة.. ولابد أن تصبح وزارة لصحة كل الناس، ولا تبقى طول الوقت مجرد ساحة يجامل فيها الملك المريض أطباءه المعالجين.
لمعلوماتك...
◄600 مستشفى غير صالح لعلاج المرضى طبقاً لتصريحات الجبلى
◄1936 أنشئت وزارة الصحة فى عهد الملك أحمد فؤاد الأول
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة