الحرية فى الإسلام لا تعنى الفوضى ولا تعنى العدوان على الغير ولا تعنى الكذب أو التضليل، بل هى التزام بكل القيم التى تحمى النفس والغير من الضرر بكل أشكاله، المعنوية أو المادية.
لقد تعايش النبى صلى الله عليه وسلم مع كل الطوائف الأخرى، وعرض عليهم الإسلام بالحسنى «لقد تبين الرشد من الغى»، لقد طلع البدر علينا وعلى الآخرين، وأمدنا بالنور والهداية، وقدم صلى الله عليه وسلم وعرض على الغير ما أنزله الله سبحانه وتعالى على قلبه ليكون للعالمين نوراً وهدى.
يجب أن يطلع البدر على كل مسلم ليرى قدرة الله فى نفسه وفى غيره وفى الدنيا، وفى الكون المحيط به، وإذا رأى العبد ذلك فقد رأى الحق وعرف الهادى والهدى والهداية، فيسجد جسده كما سجد قلبه وعقله. فسجود الجسد دون سجود القلب والعقل لا يعد سجوداً كاملاً ومن ثم تصدر عنه أعمال ناقصة وأقوال غير عادلة وخاطئة.
ومن كمال الأنوار التى تنزل على قلب المسلم الصادق الساجد السجود الكامل الحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولمخلوقاته كلهم، لأن الله سبحانه وتعالى هو «رب الناس» و«ملك الناس»، وهذا الحب نعمة إذا حلت فى القلب.
تغير موقف الإنسان تجاه ذاته وتجاه الآخرين وتجاه العالم الذى نعيش فيه من نبات وحيوان وطيور وحتى المادة التى يقال إنها صماء. الحب هو رحمة فى النظرة وفى اللمسة ووفى التعامل، مع الإقرار بقيمة الأشياء والناس موضع الحب، ثم الشكر الخالص لواهب هذا الحب.
ولذلك فالمتصوفة كلهم دون استثناء يضعون خدمة الناس فى صلب المعتقد, وهو أحد الاختبارات الى يمر بها المتصوف فيدرك أن كان على الطريق الصحيح أم أن الهوى الأنانى هو المحرك له. بلغ النبى عليه الصلاة والسلام عن الزبير أنه يمسك يده فى الإنفاق على من يستحق العطاء فأخذ النبى عليه الصلاة والسلام بعمامته وجذبها إليه وقال:
يا ابن العوام أنا رسول الله إليك وإلى الخاص والعام، يقول الله عز وجل «أَنفق أنفق عليك ولا ترد يشتد عليك الطلب إن فى هذه السماء بابا مفتوحا ينزل منه رزق كل امرئ بقدر نفقته أو صدقته ونيته فمن قلل قلل الله عليه ومن كثر كثر عليه» فأصبح الزبير ينفق ويعطى يميناً وشمالاً.
وسأل رجل سيدى الإمام الجنيد «يا أبا القاسم متى تصير النفس داؤها دواؤها؟» قال سيدى الإمام الجنيد رضى الله عنه «إذا خالفت هواها صار داؤها دواءها».
وأضاف: «لا يكون العبد بالكلية لله حتى لا تبقى عليه من غير الله بقية» ومن بين المشايخ العظام فى التصوف سيدى الشيخ الغوث الأكبر محمد أبوخليل الذى فى عهده مع المريدين يصر على خدمه الفقراء والمساكين، وهذه الخدمة هى عمل يحبه الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم وأوصى بفعله لأن الذى لا يرحم لا يرحم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة