هل نحتاج إلى إعادة النظر فى مفهوم البطولة والخيانة؟
أظن ذلك، لأن الأمر محير، فهناك كم هائل من الكتابات اعتبرت الرئيس التركى أردوغان بطلا لأنه انسحب من المواجهة مع شيمون بيريز فى مؤتمر دافوس، بل خرجت، على سبيل المثال مظاهرات فى غزة وتركيا تهتف باسمه، وتأسست مجموعات على الفيس بوك لدعمه، فى حين أنك لو تأملت الأمر فستجد أنه لم يفعل شيئا سوى الهرب من ميدان المواجهة، فكيف يمكن أن نمنح الهارب نياشين البطولة ورايات النصر؟!
ثم كيف تناسى الذين دشنوه بطلا أمرين، الأول أن ما فعله لم يحقق أى مكاسب للفلسطينيين. والثانى أن الدولة التركية لها علاقات وطيدة مع إسرائيل، وأهمها العلاقات العسكرية، وفيها استيراد أسلحة متطورة تساعد فى ضرب الأكراد، ناهيك عن التعاون المخابراتى الوثيق، فكيف يتحول الرئيس التركى بعد كل ذلك إلى بطل قومى لمجرد انسحاب إعلامى لا طائل من ورائه؟
فهل هذا منطقى؟
لا أظن، ولا أظن أن الذين اتهموا عمرو موسى بالتخاذل وقارنوا بينه وبين أردوغان محقون، فمنتدى دافوس يحضره قيادات من كل أنحاء العالم، أى يمكن القول إنه نموذج مصغر للمجتمع الدولى، والشجاعة هى أن تتم مواجهة الأكاذيب الإسرائيلية، وفضح المجازر التى ارتكبتها فى غزة.. أى أن موسى واجه ولم يهرب، وهدفه هو كسب الرأى العام العالمى لصالح قضية الشعب الفلسطينى العادلة.. فبأى منطق يمكن القول إنه خائن أو متخاذل؟!
فهل علينا أن نطالب موسى وغيره بالانسحاب من أى منتديات دولية وعدم مواجهة آلة الأكاذيب الإسرائيلية.. هل هذا فى صالح قضايانا؟!
لا أظن.
ما حدث مع أردوغان وموسى نتاج لمشكلة أكبر، وهى مفاهيم البطولة والهزيمة، وهى التى أدت على سبيل المثال إلى الفرح بالاحتفالات التى أقامتها حماس بمناسبة ما سمته النصر، وشاركتها أنظمة حكم وقوى سياسية من المحيط إلى الخليج، رغم العدد الكبير من الجرحى والشهداء، والدمار المروع، ورغم عدم تحقيق إنجاز سياسى للشعب الفلسطينى.. فكيف يكون انتصارا؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة