علاء صادق

الباحثون عن الدعارة الإعلامية يكشفون عوراتنا العربية

الخميس، 05 نوفمبر 2009 06:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حتى فى كرة القدم.
اتفق العرب دائما على ألا يتفقوا.
هى مباراة فى كرة القدم بين منتخبى مصر والجزائر تحدد لها ملعب القاهرة الدولى مساء الرابع عشر من نوفمبر الجارى، لتحديد المنتخب الأول والصاعد عن المجموعة الثالثة فى التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2010.

مباراة فى كرة القدم عمرها تسعون دقيقة فقط بينما يزيد عمر الارتباط الأخوى بين البلدين والشعبين على ألفى عام على الأقل. مباراة فى مساحة ضيقة لاتتجاوز 800 متر مربع بينما تزيد مساحة البلدين الشقيقين كثيرا على ثلاثة ملايين كيلو متر مربع.

مباراة لا يشارك فيها أكثر من 28 لاعبا وتحت إدارة ثلاثة حكام ومتابعة سبعين ألف متفرج فى المدرجات، بينما يزيد تعداد الشعبين المصرى والجزائرى على 125 مليون نسمة.
المباراة مفتوحة ومتكافئة على الجانب الفنى ولها احتمالات مختلفة سواء فاز المنتخب المصرى بفارق ثلاثة أهداف أو أكثر وتأهل إلى كأس العالم.. أوفاز بفارق هدفين وفرض مباراة فاصلة فى ملعب محايد الأربعاء 18 نوفمبر.. أو انتهت المباراة إلى أى نتيجة أخرى وعندها يتأهل منتخب الجزائر إلى كأس العالم.

المباراة الرياضية تحولت مؤخرا بفعل العشرات من المراهقين إعلاميا إلى حرب دنيئة بين بلدين عربيين هما الأكبر فى الأمة الكبيرة على صعيد المساحة والتعداد.
الباحثون عن الدعارة الإعلامية وما أقلهم فى الجانبين- كشفوا عن عوراتهم ومزقوا الإطار العربى الساتر لعيوبنا، وانطلقوا يمزقون كل الروابط والعلاقات.. ولا يعزفون إلا على أوتار الانتقام والثأر والفوز الحتمى بأى ثمن.

شرذمة حقيرة فى الجانبين امتلكت مساحات على الشاشات وخلف الميكروفونات وعلى الصفحات.. وانطلقت تنشر الكراهية بكل قوة وفجور.. وشحنوا الملايين من الأبرياء فى الشعبين الطيبين حتى تحول الأمر إلى عداوة بلا أى سبب.
صدق أو لا تصدق.

فى مصر وبعد دقائق قليلة من نهاية مباراة الجزائر ورواندا كانت إحدى القنوات الفضائية المصرية تكتب على شاشتها عبارة (يوم 14 نوفمبر.. استاد القاهرة مقبرة الغزاة).. وهى عبارة تعنى أن الموت ينتظر الجزائريين فى القاهرة.
ياللهول.. هل تدنى الأمر إلى هذا المستوى المؤسف.

وانطلقت تلك القناة الجامحة فى لعبها وتلاعبها بعقول وقلوب ومشاعر البسطاء من مجانين الكرة لتلهبهم ضد المنتخب الجزائرى وضد جماهير الجزائر التى ستصاحبه إلى القاهرة.
وتبارى مراهقو الإعلام على شبكة الإنترنت فى اختراع الدعايات السخيفة التى تقلل من شأن الجزائر وشعبها ومنتخبها.. وكتبوا على منتخب مصر أنه كتيبة الإعدام.. وطالبوا البنات والسيدات بالبقاء فى منازلهم مع دعوة للبلطجية والسفاحين للذهاب إلى الملعب.
وتناقل زوار الإنترنت والفيس بوك ومواقع الإيميل المتعددة تلك الصفحات بدهشة وحب استطلاع، حتى وصلت بالطبع إلى الجزائريين وصنعت ردود أفعال غاضبة.
وعلى الجانب الآخر كانت الدعارة الإعلامية القادمة من الجزائر عند نفس المستوى المتدنى شكلا وموضوعا.. ورسموا صورة للمدير الفنى لمنتخب مصر، حسن شحاتة، فى ثوب عروسة تنتظر الزفاف على نجم جزائرى.. ولقطات أخرى بالغة الإساءة للمنتخب المصرى وشعب وتاريخ مصر.

وذهبت قلة لا يمكن أن نصفها سوى بالشرذمة إلى الحد الأقصى بإحراق علم مصر فى شارع جانبى بعيدا عن العيون.. ونشرت الصور المسروقة إلى الإنترنت ليراها الملايين.. ووضعوا وجوها لممثلات وراقصات مصريات على أجسام لاعبى منتخب مصر مع عبارات مسيئة لكل الأطراف.

لسنا فى معرض التكرار أو التركيز على تلك التصرفات الداعرة التى كشفت عوراتنا العربية على العالم.
ولكننا نعيد الأمور إلى نصابها.
الإعلام المحترم يلعب الآن دورا مهما لإعادة الغاضبين من الجماهير المصرية والجزائرية إلى وعيهم.

وأسعدنى كثيرا الموقف الواعى لمدير الكرة فى النادى الإسماعيلى إيهاب جلال والذى قرأ جيدا تلك المهاترات وقرر منع لاعبيه جميعا من الإدلاء بأى تصريحات للصحافة أو للتليفزيون عن مباراة مصر والجزائر وحتى اليوم التالى لنهايتها.

وأتمنى أن يحذو الجميع حذوه فى كل الإندية ويخرجوا إلى الرأى العام بشجاعة لتنحصر المباراة المرتقبة داخل إطارها النظيف.

ولكن الأصوات العاقلة والكلمات الطيبة ومبادرات الخير تتوارى.
وبكل تأكيد سيكون للشرطة المصرية دور عظيم كعادتها فى فرض الأمن والنظام والالتزام على الجميع سواء قبل المباراة أو خلالها وبعدها.. ولن يتمكن أى مشجع ماجن أو متهور من تنفيذ شطحاته لأن الصرامة والحزم هما عنوان الحقيقة الأمنية فى تلك المباراة.
والردع الأمنى من الشرطة المصرية هو الطريق الوحيد لمواجهة الدعارة الإعلامية الرخيصة التى انتشرت على الجانبين.

ومن الردع الأمنى إلى الردع الإعلامى.
متى يمكن لنا أن نوقف الانحرافات الفظيعة على الهواء عبر القنوات الخاصة التى لا يحكمها أى وازع دينى أو وطنى أو أخلاقى؟
وما الجهة المسئولة الآن عن الردع الإعلامى؟
هل يتحتم على وزير الإعلام أنس الفقى إصدار قرار بوقف أو تجميد إرسال أى قناة خاصة تخالف الأخلاق والمبادئ وتشعل النيران بين الدول الشقيقة؟
الأغلبية ضاقت بالسباب المتبادل على الشاشات.
والفرصة سانحة الآن لاتخاذ موقف حازم ورادع.
والرأى العام مستعد لدعم تلك المواقف الأخلاقية بكل قوة.
هيا إلى قرارات قوية تعيد قطار الأخلاق الذى خرج عن القضبان إلى خط سيره الطبيعى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة