لأننا فى مصر نسير عكس حال الدنيا ؛ لم يكن غريباً أن تكون تداعيات الأزمة المالية العالمية مختلفة فى تأثيرها وفى توقيتها، ولكن الغريب أن سوق العقارات فى مصر قد أكدت أنه لا ثابت فى القوانين التى تحكم دنيا العقارات فى العالم؛ ففى الوقت الذى ركدت فيه هذه السوق فى كل الدنيا، لاتزال مزدهرة على أقل تقدير فى مصر، ومن هنا لم يكن غريباً أن تتطور قناة «العقارية» لتخلق لنفسها مكاناً على الشاشة يتجاوز كونها مجرد قناة لعرض العقارات أو كوسيط إعلانى.
وللتأكد من أن ما يحدث فى سوق العقارات فى مصر ليس صدفة، ولمحاولة فهم هذه السوق بخصوصيتها الشديدة، يكفى متابعة برنامج «سوق العقارات» الذى يقدمه الممثل «لؤى» صاحب التجربة السابقة فى تقديم البرامج الشبابية على شاشة «دريم»، لكنه هذه المرة يقدم برنامجاً يتعلق بدراسته للهندسة، والتى تساعده على التواصل مع ضيوفه المتخصصين فى العقار، البرنامج الذى يقدم إضافةً حقيقية للمشاهد الذى يرغب فى شراء أو الاستثمار فى العقار، يمثل فى الوقت نفسه بداية لنوعية جديدة من البرامج التى بدأت بالفعل طريقها نحو الشاشة، فقد جاء الوقت الذى أصبحت فيه حاجة المشاهد دافعاً لصناعة برنامج يشرح فلسفة الاستثمار العقارى، بكل ما يعنيه هذا من شاشة متخصصة، ومذيع متخصص، وبالتأكيد فريق عمل متخصص، واللافت أن هذا التخصص فى ذاته جديد على شريحة المشاهد المصرى، الذى لم يتصور أحد أن يأتى اليوم الذى يحتاج فيه لشاشة متخصصة فى الاقتصاد بل فى العقار ولبرنامج يساعده على فهم آلية شرائه!
هذا النوع من القنوات، بالمنحى الجديد الذى تتخذه حالياً، من صناعة برامج متنوعة رغم كون القناة نفسها نوعية، يعنى أن لاعباً جديداً قد ورد إلى السوق التليفزيونية، بكل ما يعنيه هذا من فرص عمل للعاملين فى هذا القطاع، وكذلك.. مساحات نفوذ لملاك هذه القنوات.
وبشراء خبرة العاملين السابقين فى القنوات التقليدية التى استحوذت على الفضاء الإعلامى، وبعناصر جديدة فى هذه الصناعة لن نعرفها الآن، ستتمكن قنوات مثل «العقارية» من خلق قوانين جديدة فى عالم التليفزيون ؛ لكن هذا لا يعنى بأى حال التخلى عن القواعد التى أرستها خبرة القنوات السابقة فى تصورها عن برامج أصبحت تقليدية كـ»التوك شو» مثلاً. «فالعقارية» لم تختر الاكتفاء بالبرامج التى تدور حول «العقار» فى حد ذاته، كالديكور والأثاث وحتى المعارض العقارية ومعارض الأثاث؛ حيث قد بدأت القناة منذ فترة بث برنامج «حياتنا» وهو توك شو مسائى، يعرض فى السابعة قبل زحام برامج القناة الأخرى، والواضح أن الهدف من البرنامج هو أن يكون أداة جذب للمشاهدين، على اعتبار أن بقية برامج القناة نوعية بشكلٍ أو بآخر، وفى إحدى حلقات الأسبوع الماضى، استضاف البرنامج المطربة «سمية».. للأسف لم ينبه أحد الضيفة إلى أن «جلستها» أمام الكاميرا لم تكن لائقة، بل أن مقدم البرنامج «يحيى الغنام»، كان متفاعلاً مع الأداء العام الذى اختارته الضيفة، وكأنه لا فرق بين جلسة خاصة بالأصدقاء وبين الجلوس أمام الشاشة، فتحول جو الحميمية المفترض إلى تجاهل لأسلوب يليق بضيف أمام المشاهد؛ بل إن «الغنام» قرر أن يشارك الضيفة وهى تقدم أغنيتها، بهز كتفيه أمام الكاميرا.. وكأنه يرقص!
لكل شىء مزاياه وعيوبه، وإذا أرادت قناة متخصصة أن تجذب مشاهديها ببرامج عامة غير نوعية؛ فلا يعنى هذا أبداً أن تقدمها بشكل بعيد عن الاحتراف!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة