فاطمة خير

أخلاق تليفزيونية..

الخميس، 22 أكتوبر 2009 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من ينكر أن الأخلاق -أحياناً كثيرة- هى مسألة نسبية؟!
إذا أردتم الدليل، ستجدونه فى إعلانات تذاع على قنوات روتانا.
تذيع «روتانا» منذ فترة قصيرة، إعلاناً يقول: «إذا تحتمل النار على خفيف.. اشرب على خفيف»، يصور الإعلان رجلاً خليجياً، يعود إلى بيته مساءً وهو منهك، يسحب كأساً قد حضرها مسبقاً لتكون فى متناول يده، يجلس على أريكته بطريقة ضمن روتين حياته اليومى، ويصب لنفسه مشروباً كحولياً كان جاهزاً هو الآخر، فى مكان مخصص لذلك فى مدخل شقته.

ليس سراً أن كثيرا من الخليجيين يمارسون عادة شرب الكحوليات، وأنه فى دول خليجية تمنع ذلك علنا بل وتجرمه قانوناً، فى حين يمارس مواطنوها ذلك سراً، ويبدو أن القنوات الترفيهية، أرادت أن «تكسب ثواب» فى مواطنيها الخليجيين، ومشاهديها العرب، فاختارت تقديم سلسلة من الإعلانات، التى تحض على السلوكيات القويمة، تنتجها مؤسسة تابعة لـ«الوليد بن طلال» والذى هو نفسه صاحب القنوات بالتعاون مع جهات أخرى.

النية التى تبدو أنها نية خير، أقرب فى الحقيقة، إلى سلوك صاحب المال الذى يريد أن يعيش حياته بـ«الطول والعرض»، ثم يخرج الصدقات فيضمن الثواب فى الآخرة وغفران الذنوب!.
لو أن هذه الإعلانات، توقفت عند تلك التى تحذر من مخاطر التدخين، واختارت سلوك هذا الطريق، لكانت أفضل بكثير، فالإعلانات التى تصور مدخنا فى الدقائق الأخيرة لحياته؛ مؤلمة للغاية، وتضع كل مدخن أمام نفسه فى سلوك لابد سيدفع ثمنه فى حياته الدنيا ويدفعه معه غيره من أهله الذين سيتألمون لفراقه، أما إذا تجاوز هذا الخط إلى تصوير نار الآخرة التى تكوى من يشرب الخمر(صحيح أن الفكرة حلوة فنياً) فهو ما لا سيؤثر فى الحقيقة فيمن يشرب الكحول لأنه فى هذه الحالة سيفضل أن «يعمل دماغ» وبعدها «يحلها ربنا» لأنه غفورٌ رحيم، ولو أن إعلانات كهذه اختارت تقديم مخاطر إدمان الكحول، أو القيادة تحت تأثيره... إلخ؛ كانت حينها ستصبح أكثر واقعية.. وتأثيراً.

ربما هو «الاستسهال» فى كتابة الفكرة، وربما هى السطحية فى المعالجة، وفى الحالتين فمن المؤكد أنه يقف خلفهما العقلية نفسها، التى تحكم قنوات «ترفيهية»، تنتج الأفلام، وتذيعها حصرياً، وترمم القديم منها، وتتوسع مع الوقت، ثم يسمح الرقيب فيها لنفسه، بأن يعمل مقصه بلا هوادة فيشوهها وفقاً لوجهة نظر شخصٍ ما، قرر أن يتخلص من مشاهد بأكملها، بعد أن كان ذلك يحدث فى لقطات وحسب، وربما أن كثيراً من الدهشة لابد يصيبك وأنت ترى أغنية رئيسية فى فيلم «درس خصوصى»، يتم استئصالها، لأنه كانت هناك فتاة ترقص، بطريقة لابد لم تعجب الرقيب الخفى!.

هل هى قنوات لتصدير الأخلاق؟، أم لمنح المتعة والترفيه؟، هل يتعامل مالكوها مع السينما باعتبارها حلالاً أم وسيلة تبررها الغاية؟، وما المعايير التى تحكمها القنوات ـ، ومن أصلاً الذى يضعها وينفذها؟، أسئلة تحتاج لإجابات، لأنها قنوات تتحكم فى عقول شعبنا بشكلٍ أو بآخر.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة