وحدها قناة «الحرة» كانت تعرف ماذا تريد، حين كانت إسرائيل تذبح أهل غزة، لم تكن القناة تعمل بمنطق رد الفعل، كانت نفسها «فعلاً» يعرف إلى أين يتجه وكيف يتحرك.
القناة الأمريكية الناطقة بلسان عربى، لن تدهشنا بانحيازها إلى الخيارات الأمريكية، وسوى ذلك سذاجة بالطبع، لكن كيف اختارت القناة أن تساير الأحداث؟، عرضت بداية قصف غزة وثائقياً على مدى ليلتين، يتناول تجربة نظمها مناصرون أمريكيون للسلام بين العرب وإسرائيل، لكن كان لهم منهجهم الخاص، فقد قرروا أن يزرعوا بذور السلام بين أطفال بين الجانبين، ليثبتوا فرضية أن التعايش بينهما ممكن الفيلم الأول تضمن تجربة فريق كرة قدم من الذكور، يضم عربا وإسرائيليين، سيلعب الفريق فى مسابقة وعليه أن يصل إلى النهائيات، وقد افترض أصحاب التجربة، أن تكاتف أفراد الفريق للوصول إلى النهائيات سيخلق بينهم تلاحماً، يجعلهم قادرين على خلق صداقات ستستمر التجربة المثيرة ذات البداية النظرية، واجهت صعاباً فى التطبيق، ومع الوقت زالت بعض مساحات البغض بين الأطفال، لم يستجب الجميع بالدرجة نفسها للمؤثر العاطفى الذى خلقه التواجد فى فريق واحد، المهم..
جاء يوم المباراة وحقق الفريق نتائج جيدة، حتى أن بعض الأولاد من العرب والإسرائيليين احتضنوا بعضهم البعض، ولم يمنع ذلك بعضهم من تجنب التصافح، انتهت التجربة بنتيجة أرضت إلى حدٍ كبير أصحابها، ولكن الكاميرا التى عادت بعد عام، رصدت أن الصداقات التى خلقها اللعب فى فريق واحد لم تدم، لنتوصل إلى نتيجة أن التعايش ممكن لو أننا أخذنا الصغار بعيداً، لأن ما يعلمه لهم الأهل من الجانبين هو ما يدفعهم للكره المتبادل.
فى الليلة التالية، اختلفت التجربة قليلاً، حيث تمثلت فى صف دراسى واحد للبنات الصغيرات يضم فلسطينيات وإسرائيليات، بمعلمتين: فلسطينية وإسرائيلية، والتى أخذت زمام الأمور لتشرح للتلميذات أهمية التعايش المشترك، المعلمة العربية لم تتمالك نفسها فبكت وخرجت من الصف، لتنتقدها الإسرائيلية قائلة إن مثل هذا السلوك ما يمنع التعايش، فى النهاية تلتف التلميذات العربيات حول معلمتهن متعاطفات معها، ليثبتن أن هذا الجانب هو من يرفض التعايش.
لم تقدم «الحرة» برامج مبارزات كلامية حول من له الحق، ومن المعتدى، لم تخون، ولم تعلن تعاطفاً، لكنها بنعومة شديدة قالت ما تريده، سربته كالسم فى العسل: فلتترككم من كل هذا.. أنا أقدم لكم البديل دون صراخ.. فاسمعونى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة