فى أدبيات الحياة السياسية يقولون إن «لكل زمان رجاله» وفى أدبيات الحياة الثقافية يؤمنون بأن «الأيام دول». أما فى حياتنا الإعلامية فنقول شيئًا آخر: «الصورة تساوى مليون كلمة». ربما لا يروق هذا القول زملائى من أصحاب الكلمة ويعتبرونه افتئاتًا على القلم الذى أقسم به الله تعالى «نون والقلم وما يسطرون». وربما يقول لنا شطر كبير من أبطال دولة الصورة إن الكلمة هى الجسر الذى يحمل الصورة إلى المشاهد.
والصورة التى أقصدها ليست لقطة فوتوغرافية صماء أو مشهد فيديو قصيرا فى نشرة أخبار، الصورة التى تشدنا الآن هى مئات الشاشات الأرضية والفضائية التي تتسابق فيما بينها عبر الأثير من أجل الوصول إلى المشاهد، ولأن الصورة بطبيعتها أسرع من الكلمة باتت جريدة الصباح فى موقف لا تحسد عليه، فما تنشره اليوم فى صفحتها الأولى أصبح «طبيخ بايت» لأن الدنيا كلها عرفته بالأمس عبر الفضائيات. وهكذا لم يجد عدد كبير من الصفحيين مفرًا من اللجوء إلى الفضائيات سواء للعمل كمعدى برامج أو كمقدمى برامج، وحقق أغلبهم نجاحات كان نتيجتها أن كل الفضائيات تقريبا تعتمد على الصحفيين، المفارقة أن ذلك كله يحدث فى الوقت الذى يزداد فيه عدد الصحف بصورة يراها الكثيرون مبالغا فيها ونوعا من التحدى من أناس يهوون مناطحة الصخور، وهنا سأطرح على نفسى بعض الأسئلة فى اليوم الأول من صدور «اليوم السابع».
مثلا: عندما ظهر التليفزيون فى أوائل الستينيات قال البعض إنه سيقضى على الراديو، فيما أكد البعض الآخر أن جمهور الإذاعة لن يستغنى عن الراديو مهما كان إغراء التليفزيون، وها نحن فى موقف مشابه، ولكن الضحية هذه المرة الجريدة وليس الراديو، لا نريد أن نعرف ماذا حدث للراديو بل نريد معرفة ما سيحدث للصحافة؟
مثلا: أضافت الفضائيات وظيفة أخرى إلى التليفزيون بشكله التقليدى.. هذه الوظيفة جعلت الكثيرين يصفونها بالصحافة التليفزيونية، فهل يمكن أن تكون هذه الصحافة المرئية بديلا للصحافة المكتوبة؟
مثلا: عندما تعتمد العين فى التلقى على الرؤية البصرية والسمعية هل يمكن أن تصبر على قراءة مقالات طويلة أم تستغنى عن الجريدة؟ وأليس من الأفضل أن يواكب كتبة المقالات العصر ويقللون المساحة التى يكتبون فيها حتى لا يهرب القراء؟
مثلا: هرولة الصحفيين نحو الفضائيات هل هو رد فعل طبيعى لتطور الوسائط الإعلامية أم هو خوف من البطالة والركود سيما وأن ليس كل صحفى كاتب مقال؟
مثلا: خبراء توزيع الصحف يؤكدون أن عدد قراء الصحف فى مصر لا يزيد بغض النظر عن نصيب كل جريدة منهم، ألا يعطينا ذلك مؤشرًا للمأزق الذى وقعت فيه الصحافة المكتوبة؟
قد لا أملك إجابات قاطعة على هذه الأسئلة، لكننى أملك يقينًا بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.. ترى هل أحسنا؟
نقلاً عن الأسبوعى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة