ما مرّ بى يوم إلا معاتبا نفسى على تقصيرٍ ما، حتى أيقنت أن التقصير سلاح العاقل، وسعادة المهموم، فهو الأداة المُنبّهة التى أودعها الله بنى البشر، لا يُقدّرها سوى الحكماء.
اصطحب أحد الأثرياء ابنه في رحلة إلى بلد فقير ليريه كيف يعيش الفقراء، وأمضيا فيها بضعة أيام في مزرعة لأسرة فقيرة معدمة ، وفي نهاية الرحلة سأل الأب الثري ابنه عن مدى إعجابه بالرحلة.
لما تخرج وتسهر براحتك وبالساعات أستنى سعادتك
ما عادت ضرباتك تؤلمنى ما عاد غيابك يشقينى لم تعد اللهفة تقتلنى
دائمًا ما تهزمنى ملامح الشقاء هذه، وجه حاد وطيب، أليف وعفوف، رأس صغير، وعين مكسورة على لمعانها، لم أرَ له صورة واحدة يكسوها الابتسام، ولم أسمع له ضحك.
لم أستطع يومها أن أغفو ولو لبضع ساعات، فكانت كلماته تتردد فى أذنى كلما حاولت أن أغمض عينى، أتذكر أن الموقف لم يكن يستدعى كل هذا التفكير من قبلى
بنسف تراب وبنطفح دم<br>عايشين أغراب وبننزف هم<br>رحاية يا دنيا وطاحنانا
نسى الأسطى "حمدى" كل شىء بمجرد أن لمحت عينه طقم العيد الجديد، فابن التسع سنوات، أبو ضحكة صافية وقلب زى الحليب، لا يخلع ثوب الشقا والبهدلة الذى يرتديه لمدة 361 يوما فى السنة.