نهر النيل.. كيف تغيّر مجراه عبر التاريخ

الأحد، 07 ديسمبر 2025 08:00 ص
نهر النيل.. كيف  تغيّر مجراه عبر التاريخ نهر النيل

محمد عبد الرحمن

عبر آلاف السنين، لم يكن نهر النيل مجرد مجرى مائي ثابت، بل كائن حي تغيّر مساره مرارًا تحت تأثير الطبيعة والإنسان، تاركًا بصماته على الجغرافيا المصرية وحضارتها منذ فجر التاريخ وحتى العصر الحديث.

على مر العصور، أعادت تغيّرات النيل تشكيل الخريطة الزراعية والبشرية في مصر. فقد تبدّلت مواقع الأراضي الخصبة، وانتقلت تجمعات سكانية بأكملها مع تغيّر الفيضانات ومساراتها. ومع ذلك، ظل النيل دائمًا داخل نطاق واديه العريض، الذي ظل القلب النابض للحضارة.

تحولات طبيعية رسمت ملامح وادي النيل

تشير دراسات جيولوجية حديثة إلى أن مجرى النيل لم يتطور تدريجيًا فقط، بل شهد تغييرات مفاجئة خلال الفيضانات الكبرى، حيث كان النهر يشق قنوات جديدة ويكوّن سهولًا فيضية أوسع وأكثر استقرارًا.

كما كشفت الأبحاث عن وجود فروع قديمة للنيل اندثرت مع الزمن، أبرزها: الفرع التانيسي، الفرع المنديسي، الفرع الفاطيميي، الفرع الكانوبي، إضافة إلى ما بات يُعرف بـ "فرع النيل الخفي" الذي مرّ قرب أهرامات الجيزة، ولعب دورًا محوريًا في نقل الأحجار الضخمة المستخدمة في البناء.

النيل وبناء الأهرامات.. علاقة لازمتها المياه

خلال الفترة الممتدة بين 3500 و4500 سنة مضت، كان النيل يجري على مقربة من أغلب مواقع الأهرامات في الجيزة وسقارة ودهشور. هذا القرب لم يكن مجرد صدفة، بل ركيزة أساسية في عملية نقل مئات الآلاف من الأحجار عبر السفن إلى مواقع البناء.
إلا أنه، وبحلول عام 500 قبل الميلاد، كان النهر قد ابتعد عن هذه المواقع، تاركًا الأهرامات شاهدة على التغيرات التي طرأت على جغرافية الوادي.

تدخلات بشرية غيّرت النهر

ظلت محاولة التحكم في النيل حلمًا قديمًا. ومن أبرز المحطات التاريخية:

عصر الملك مينا (نارمر) – 2900 ق.م
أنشأ سد "قوشيه" الذي يُعتبر من أقدم السدود في التاريخ، بهدف تحويل جزء من مجرى النهر شرقًا، مما ساعد في تأسيس العاصمة المصرية القديمة.

القرن الحادي عشر..  سد ابن الهيثم
استدعاه الخليفة الفاطمي لدراسة إمكانية إقامة سد كبير للتحكم في الفيضان، لكنه انتهى إلى أن التكنولوجيا حينها لا تسمح بتحقيق مثل هذا المشروع.

القرن التاسع عشر.. الخديوي إسماعيل
شهدت القاهرة تغييرات محلية في مجرى النيل نتيجة أعمال ردم واسعة، خصوصًا في منطقة شبرا، ما مهّد لإنشاء شوارع رئيسية مثل شارع الأهرام.

التحويل الأعظم في القرن العشرين: السد العالي

في 14 مايو 1964، شهدت مصر حدثًا هندسيًا غير مسبوق: تحويل مجرى النيل بالكامل لإفساح المجال لبناء السد العالي في أسوان، وأُغلق المجرى الطبيعي للنهر، وحُوِّلت المياه عبر ستة أنفاق ضخمة، وتم ردم أجزاء من المجرى القديم باستخدام صخور ناتجة عن تفجير الجبل الشرقي، شكّل هذا التحويل نقطة تحول في تاريخ مصر المائي والزراعي والاقتصادي، وجعل من السد العالي سدًا استراتيجيًا يحمي البلاد من الجفاف والفيضان.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة