يشهد تنظيم الإخوان خلال الفترة الأخيرة حصارًا دوليًا متصاعدًا بعد انكشاف دوره فى نشر الفوضى وترويج الأكاذيب التى تستهدف استقرار الدول، خصوصًا فى المنطقة العربية.
التحركات الأمريكية الأخيرة، وعلى رأسها مشروع القانون المعروض أمام الكونجرس لفرض عقوبات مباشرة على الجماعة، تمثل تحولًا مهمًا فى طبيعة التعامل مع التنظيم الذى طالما حاول تقديم نفسه بواجهات سياسية ودعوية تخفى نشاطه الحقيقى.
ومع تزايد القناعة الدولية بأن الإخوان يشكلون تهديدًا للأمن والسلم، بدأت دول عديدة فى اتخاذ خطوات عملية لتضييق الخناق على مصادر تمويله وتحركاته الإعلامية والتنظيمية، ويرى خبراء شؤون الجماعات الإرهابية أن هذه المرحلة قد تكون الأصعب فى تاريخ التنظيم، بعد فقدانه الكثير من الدعم الخارجى وتراجع قدرته على التأثير داخل المجتمعات أو على الساحة الدولية.
قال هشام النجار، الخبير فى شؤون الجماعات الإرهابية أن مشروع القانون الذى يناقشه الكونجرس الأمريكي يمثل خطوة نوعية فى المواجهة مع تنظيم الإخوان، خصوصًا أنه يأتى بعد سلسلة من التحركات التنفيذية التى سبقت هذا التشريع. وأوضح أن المشروع يعكس اقتناعًا أمريكيًا بأن التنظيم يعتمد على شبكة واسعة من الواجهات الإعلامية والسياسية لتضليل الرأى العام، وترويج روايات تستهدف تقويض الدول المستقرة.
وأكد النجار أن العقوبات المتوقعة، مثل تجميد الأصول وحظر التأشيرات، ستحد بشكل كبير من قدرة الجماعة على الحركة والتأثير، خاصة داخل مراكز الضغط الدولية التى كانت تستغلها لصالحها.
وأشار إلى أن العالم يشهد تحولًا جذريًا فى طريقة التعامل مع التنظيم، بعد انكشاف دوره فى دعم الفوضى وتوجيه الحملات التحريضية ضد الدول العربية، وعلى رأسها مصر.
وأضاف أن الإخوان لم يعودوا قادرين على إخفاء ارتباطاتهم بجماعات متطرفة تعمل فى مناطق صراع، وأن هذا الارتباط جعل الغرب أكثر وعيًا بخطورة التنظيم، بعدما كان يتم تقديمه سابقًا كجماعة "معتدلة"، وأكد النجار أن مستقبل الإخوان أصبح أكثر عتمة، نتيجة التراجع الكبير فى نفوذهم السياسى وفقدان الثقة فى خطابهم، بالإضافة إلى فقدان مصادر التمويل التى كانوا يعتمدون عليها.
وأوضح أن التحرك الأمريكى قد يمثل بداية لتحالف دولى أوسع يهدف إلى تجفيف منابع التطرف، وكبح الجماعات التى تتخفى وراء شعارات دينية لتحقيق أهداف سياسية.
أكد طارق البشبيشى الخبير فى شؤون الجماعات الإرهابية أن الضغوط الدولية على تنظيم الإخوان ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات طويلة من التحريض ونشر الفوضى والأكاذيب فى دول عديدة، مشيرًا إلى أن أمريكا لم تكن الدولة الأولى التى تتخذ خطوات تشريعية نحو معاقبة الجماعة، لكنها الأكثر تأثيرًا بالنظر إلى موقعها داخل النظام الدولى.
وأوضح أن مشروع القانون الأمريكي الأخير يعكس إدراكًا واضحًا بأن التنظيم يستخدم أدوات تبدو “مدنية” و“حقوقية” من الخارج، لكنها فى الحقيقة جزء من آليات حرب ناعمة تستهدف استقرار الدول وتهديد مؤسساتها.
وأضاف البشبيشى أن العالم بات يشهد اصطفافًا واضحًا ضد الإخوان، بعدما ثبت تورط عناصرهم وواجهاتهم الإعلامية فى دعم العنف، وتوجيه حملات منظمة لتشويه الدول العربية، خصوصًا مصر ودول الخليج، وقال أن التنظيم فقد الكثير من حلفائه التقليديين، وأصبح فى موضع دفاع مستمر بعد أن تكشفت شبكات التمويل التى يعتمد عليها، إلى جانب علاقاته مع جماعات متطرفة أخرى.
وأكد أن التحركات الأمريكية قد تدفع دولًا أوروبية لخطوات مشابهة، خاصة مع تصاعد القلق من تنامى الفكر المتطرف داخل الجاليات المسلمة فى الغرب، والذى لعب الإخوان دورًا كبيرًا فى تغذيته عبر جمعيات ومنظمات تعمل بواجهات متعددة، وأشار إلى أن التنظيم لم يعد قادرًا على التحرك بحرية كما كان فى السابق، وأنه يواجه الآن حصارًا سياسيًا وإعلاميًا وشعبيًا يجعل مستقبله أكثر غموضًا وانكماشًا.
قال إبراهيم ربيع الخبير فى شؤون الجماعات الإرهابية أن التحركات الأمريكية الأخيرة لعزل تنظيم الإخوان تمثل تحولًا كبيرًا فى طريقة تعامل المجتمع الدولى مع التنظيم، بعد سنوات من تجاهل خطورته.
وأوضح أن مشروع القانون المعروض أمام الكونجرس، والذى يلزم الرئيس الأمريكى بفرض عقوبات مباشرة على الجماعة، يعكس قناعة متزايدة لدى المؤسسات الأمريكية بأن الإخوان يشكلون تهديدًا للأمن العالمى، وليس فقط للدول العربية.
وأضاف ربيع أن المقترحات تشمل تجميد الأصول المالية، ومنع إصدار التأشيرات لأى شخص يثبت ارتباطه بالتنظيم، إلى جانب متابعة مصادر التمويل التى يعتمد عليها الإخوان فى تحريك ذراعهم الإعلامية والتحريضية داخل أمريكا وخارجها.
وأشار إلى أن التنظيم يعيش حاليًا لحظة حرجة، بعدما تحولت موجة الرفض الدولى إلى إجراءات حقيقية، خاصة مع انكشاف حجم الأكاذيب التى يروجها الإخوان فى الخارج لتشويه الدول الوطنية وإثارة الشكوك فى مؤسساتها. وأكد أن الولايات المتحدة لم تعد تتعامل مع الجماعة باعتبارها “كيانًا دينيًا”، بل باعتبارها منظمة سياسية تستخدم الدين ستارًا لتبرير العنف والفوضى.
ولفت إلى أن التحرك الأمريكى يأتى بالتزامن مع مواقف مشابهة فى أوروبا، ما يعنى أن التنظيم قد يواجه حصارًا غير مسبوق خلال الشهور المقبلة. وأكد أن قيادات الإخوان فى الخارج تدرك جيدًا أن المرحلة المقبلة ستكون الأصعب، بعدما فقدت كثيرًا من الدعم الذى كانت تعتمد عليه قديمًا، وأصبحت ملاحقة سياسيًا وإعلاميًا وماليًا.